للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث: (كان يصلي صلاة العشاء في جماعة ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا علي بن حسين الدرهمي حدثنا ابن أبي عدي عن بهز بن حكيم حدثنا زرارة بن أوفى أن عائشة رضي الله عنها سُئلت عن صلاة رسول الله في جوف الليل فقالت: (كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات، ثم يأوي إلى فراشه وينام وطهوره مغطى عند رأسه، وسواكه موضوع؛ حتى يبعثه الله ساعته التي يبعثه من الليل فيتسوك ويسبغ الوضوء، ثم يقوم إلى مصلاه فيصلي ثمان ركعات يقرأ فيهن بأم الكتاب، وسورة من القرآن وما شاء الله، ولا يقعد في شيء منها حتى يقعد في الثامنة، ولا يسلم، ويقرأ في التاسعة ثم يقعد، فيدعو بما شاء الله أن يدعوه، ويسأله ويرغب إليه، ويسلم تسليمة واحدة شديدة يكاد يوقظ أهل البيت من شدة تسليمه، ثم يقرأ وهو قاعد بأم الكتاب، ويركع وهو قاعد، ثم يقرأ الثانية فيركع ويسجد وهو قاعد، ثم يدعو ما شاء الله أن يدعو، ثم يسلم وينصرف، فلم تزل تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدَّن، فنقص من التسع ثنتين، فجعلها إلى الست والسبع، وركعتيه وهو قاعد حتى قبض على ذلك صلى الله عليه وسلم)].

قوله: [(كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات، ثم يأوي إلى فراشه وينام)].

أي: كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يأتي إلى أهله ويصلي أربع ركعات، ثم ينام، وهذا فيه بيان أن سنة العشاء أربع، لكن المحفوظ والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي جاء عن عائشة وعن غيرها أنها ركعتان، فمن العلماء من قال: إن هذا ليس بمحفوظ بل هو شاذ، والثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنها ركعتان، ومن أهل العلم من قال: إن هذا يدل على الجواز، يعني: أنه يشرع أن يصلي ركعتين أو يصلي أربعاً، وكل ذلك سائغ، لكن الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي ركعتين بعد العشاء، وهي الرواتب التي جاءت في بعض الأحاديث، وقد بينتها عائشة رضي الله عنها بالتفصيل، وذكرت ركعتين بعد العشاء، فالسنة أن يصلي الإنسان بعد العشاء ركعتين، ثم بعد ذلك يصلي قيام الليل.

قوله: [(ثم يأوي إلى فراشه وينام وطهوره مغطى عند رأسه، وسواكه موضوع حتى يبعثه الله ساعته التي يبعثه من الليل)].

يعني: كان ينام عليه الصلاة والسلام وطهوره عنده، وسواكه عنده، والطَّهور -بفتح الطاء- هو الماء الذي يتوضأ به، والطُّهور بالضم: هو فعل الوضوء، يقال: الوُضوء والوَضوء، والطُّهور والطَّهور، والسُّحور والسَّحور، والوُجور والوَجور كل هذه الكلمات الفتح فيها يراد به الشيء الذي يُفعل والذي يُعمل، والضم فيها يراد به الفعل، فهنا قال: والطَّهوره عنده، يعني: الماء الذي يتطهر به مغطىً عنده، والحديث الذي فيه: (الطُّهور شطر الإيمان) هو بالضم، أي: الفعل الذي هو الوضوء.

قوله: (حتى يبعثه الله ساعته التي يبعثه) يعني: يبعثه من نومه، وذلك أن النوم أخو الموت أو شبيه بالموت، ولهذا جاء في القرآن: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر:٤٢] أي: يتوفاها، فهنا ذكر البعث من النوم لأنه مثل الحياة بعد الموت، وقد جاء في الحديث (النوم أخو الموت).

قوله: [(فيتسوك ويسبغ الوضوء ويقوم إلى مصلاه فيصلي ثماني ركعات يقرأ فيهن بأم الكتاب وسورة من القرآن وما شاء الله، ولا يقعد في شيء منها حتى يقعد في الثامنة ولا يسلم، ويقرأ في التاسعة ثم يقعد، فيدعو بما شاء الله أن يدعوه، ويسأله ويرغب إليه، ويسلم تسليمة واحدة شديدة، يكاد يوقظ أهل البيت من شدة تسليمه)].

هذا مثل ما تقدم، إلا أن فيه رفع صوته بالتسليم، وأنه يكاد يوقظ أهل بيته منها، ولكن هذا لا يعني أنها تسليمة واحدة، وإنما رفع الصوت يكون في تسليمة واحدة.

قوله: [(ثم يقرأ وهو قاعد بأم الكتاب، ويركع وهو قاعد، ثم يقرأ الثانية فيركع ويسجد وهو قاعد، ثم يدعو ما شاء الله أن يدعو، ثم يسلم وينصرف، فلم تزل تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدَّن، فنقص من التسع ثنتين)].

يعني: كان يصلي تسع، وبعدها يصلي ركعتين وهو جالس، ولما كبر صلى الله عليه وسلم نقص من التسع ثنتين، فكان يوتر بسبع، وقد مر في الحديث: (أنه كان يجلس بعد السادسة ويذكر الله عز وجل، ثم يقوم للسابعة، ثم يجلس بعدها ويذكر الله عز وجل، ثم يسلم).

قوله: [(فجعلها إلى الست والسبع)].

يعني: الست التي هي الشفع، والوتر الذي هو السابعة الذي يوتر بها الست.

<<  <  ج:
ص:  >  >>