للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (ليس فيما دون خمس ذود صدقة)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما تجب فيه الزكاة.

حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: قرأت على مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال: سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس فيما دون خمس ذود صدقة، وليس فيما دون خمس أواق صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسقٍ صدقة)].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة: (باب ما تجب فيه الزكاة) يعني: الأموال التي تجب فيها الزكاة، وذكر مقادير الأنصبة التي تجب فيها الزكاة.

قوله: (ليس فيما دون خمس ذود صدقة) يعني: ليس فيما دون خمس من الإبل صدقة، فإذا ملك الإنسان أربعاً من الإبل وكانت سائمة فلا زكاة فيها؛ لأنها ما بلغت نصاباً، ولكنها إذا بلغت خمساً وحال عليها الحول فإنها تزكى، وقد جاء أن مقدار الزكاة في الخمس شاة كما سيأتي، فزكاة الخمس من الإبل من غير جنسها؛ لأنه لو أخرج الزكاة من جنسها -أي: واحدة من الإبل- لكانت الزكاة الخمس، وفي ذلك ضرر على أصحاب الأموال، فوجبت الزكاة فيها من نوع آخر وهو الغنم، فتجب شاة عن خمس من الإبل، والشاة عن خمس من الإبل لا تضر الغني، وتنفع الفقير، ولكن الغني يتضرر لو أخذت منه الناقة.

وهذا الحديث بيان لنصاب الإبل وغيرها من الأموال الزكوية، وبيان المقدار الذي إذا نقص المال عنه فلا زكاة فيه، وهو الخمس من الإبل، فما نقص عن خمس منها فلا زكاة فيه، وما بلغ خمساً فأكثر ففيه الزكاة، وعلى هذا فالحد الأدنى الذي لا زكاة فيه من الإبل هو الأربع، فإن الأربع لا زكاة فيها ولو بقيت سنين، أما الخمس ففيها الزكاة إذا حال عليها الحول، والذود المقصود به الإبل.

قوله: [(وليس فيما دون خمس أواق صدقة)].

هذا فيه بيان نصاب الورق وهي الفضة، والأوقية أربعون درهماً، والخمس أواق مائتا درهم، فنصاب الفضة مائتا درهم، وهي تعادل بالريالات السعودية الفضية (٥٦ ريالاً سعودياً) فما دون خمس أواق لا زكاة فيه يعني: ما نقص عن مائتي درهم ولو درهماً واحداً بأن كانت مائة وتسعة وتسعين درهماً فلا زكاة فيه، وكذلك بالنسبة لما يقابلها من العملة السعودية التي هي (٥٦ ريالاً) فما نقص عن (٥٦ ريالاً) فلا زكاة فيها، فـ (٥٥ ريالاً) لا زكاة فيها.

قوله: [(وليس فيما دون خمس أوسقٍ صدقة)].

الوسق ستون صاعاً، والخمسة أوسق ثلاثمائة صاع، والصاع (٣ كيلو جرام) فالنصاب تسعمائة كيلو جرام تقريباً، فما خرج من الأرض من الحبوب والثمار فإن نصابه خمسة أوسق.

وقوله: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) يدلنا على أن الفواكه والخضروات لا زكاة فيها؛ لأنها ليست مما يكال كالحبوب والثمار، وأيضاً ليست مما يدخر ويتخذ قوتاً، والزكاة إنما تجب في الأقوات التي تخرج من الأرض كالتمر والزبيب والبر والشعير والأرز والذرة، وغير ذلك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>