للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث: (مولى القوم من أنفسهم وإنا لا تحل لنا الصدقة)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الصدقة على بني هاشم.

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي رافع عن أبي رافع رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث رجلاً على الصدقة من بني مخزوم، فقال لـ أبي رافع: اصحبني فإنك تصيب منها، قال: حتى آتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأسأله، فأتاه فسأله، فقال: مولى القوم من أنفسهم، وإنا لا تحل لنا الصدقة)].

أورد أبو داود باب: الصدقة على بني هاشم وهاشم هو ابن عبد مناف، وهو الجد الثاني لرسول صلى الله عليه وسلم، فنبينا محمد عليه الصلاة والسلام هو: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، فبنو هاشم هم الذين لا تحل لهم الصدقة، والمراد بهم: آل العباس، وآل الحارث بن عبد المطلب، وآل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، فهؤلاء هم قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لا تحل لهم الصدقة، وقد قصر بعض أهل العلم المنع على بني هاشم، وألحق بهم بعضهم بني المطلب، والمطلب هو أخو هاشم، وهما من أولاد عبد مناف، ويستدلون على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطيهم من الخمس من سهم ذوي القربى.

وقد جاء في الصحيح أن عثمان بن عفان -وهو من بني عبد شمس بن عبد مناف -وجبير بن مطعم النفيلي - وهو من بني نوفل بن عبد مناف- جاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالا: إنك أعطيت بني المطلب ولم تعطنا، ونحن وإياهم في القرب منك سواء؛ لأن أولاد عبد مناف أربعة: هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل، فالنبي صلى الله عليه وسلم أعطى بني المطلب من خمس ذوي القربى، فجاء عثمان بن عفان وجبير بن مطعم رضي الله عنهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالا له ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا وبنو المطلب شيئاً واحداً لم نفترق في الجاهلية والإسلام) أي: أنهم كانوا يناصرونهم، ولما حوصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب كانوا معهم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم من الخمس كما يعطي بني هاشم، قالوا: ومن أعطي من الخمس فإنه لا يعطى من الزكاة، فلا يجوز أن تدفع الزكاة لا إلى هاشمي ولا إلى مطلبي.

وأورد أبو داود حديث أبي رافع رضي الله عنه أن رجلاً من بني مخزوم قال له وقد أرسله النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة: اصحبني حتى تصيب شيئاً، فقال: لا، حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء إليه وسأله، فقال: (إن مولى القوم من أنفسهم، وإنا لا تحل لنا الصدقة)، فيدل هذا الحديث على أن مولى القوم منهم، وأن الموالي لا تحل لهم الصدقة، فمن العلماء من أخذ بمقتضى هذا الحديث وقال: لا تحل لمواليهما يعني: موالي بني المطلب وبني هاشم، ومنهم من قال: إن الموالي تحل لهم الصدقة، ولكن هذا الحديث يدل على أنها لا تحل لهم؛ لأنه قال: (مولى القوم من أنفسهم) أي: أن حكمه كحكمهم، وسبب عدم إعطاء آل البيت من الصدقة أنهم يعطون ما يكفيهم من الخمس، فعندهم شيء يغنيهم عن الصدقة، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب له يتعلق بآل البيت: إذا لم يعطوا من الخمس فإن الصدقة تحل لهم، فيجوز لهم أن يأخذوا منها؛ لأنهم إنما منعوا لإعطائهم من الخمس ومن الفيء، فإذا لم يُعطوا من الخمس، ولم يجدوا ما يكفيهم فإنها تحل لهم الصدقة؛ لأن الأمر الذي لم يعطوا من الزكاة لأجله غير موجود، فيجوز إذاً أن يعطوا من الزكاة حينئذ.

<<  <  ج:
ص:  >  >>