للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث أنس: (أن النبي بات بذي الحليفة حتى أصبح، ثم ركب حتى إذا استوت به على البيداء حمد الله وسبح وكبر، ثم أهل بحج وعمرة)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بات بها -يعني: بذي الحليفة- حتى أصبح، ثم ركب حتى إذا استوت به على البيداء حمد الله وسبح وكبر، ثم أهلَّ بحج وعمرة، وأهلَّ الناس بهما، فلما قدمنا أمر الناس فحلوا، حتى إذا كان يوم التروية أهلُّوا بالحج، ونحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبع بدنات بيده قياماً).

قال أبو داود: الذي تفرد به -يعني: أنساً - من هذا الحديث أنه بدأ بالحمد والتسبيح والتكبير، ثم أهل بالحج].

أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم بات بها -يعني بذي الحليفة-) وهذا فيه اختصار؛ لأنه إنما ركب بعد صلاة الظهر، فقد صلى بها الظهر، ولم يمش فيها في الصباح، وقد جاء في بعض الروايات: (أنه صلى الظهر وأحرم بعد صلاته صلى الله عليه وسلم).

قوله: (حتى إذا استوت به على البيداء حمد الله، وسبح وكبر، ثم أهل بحج وعمره)، وسبق أن عرفنا أنه أهل من المسجد بعد الصلاة، أو حين انبعثت به ناقته، وجاء في بعض الروايات: (أنه أهل عندما كان على البيداء)، وعرفنا أن وجه الجمع هو ما جاء في حديث ابن عباس الذي سبق معنا، وهو: أن الناس كانوا كثيرين، فكانوا يأتون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرسالاً، فمنهم من سمعها في المسجد، ومنهم من سمعها عند الانبعاث، ومنهم من لم يسمع إلّا في البيداء، وكلٌّ أخبر عما سمع، ويكون حصول ذلك منه في البيداء إنما هو إعادة، أو أن البيداء على طرف ذي الحليفة الذي هو قريب من البيداء كما سبق أن عرفنا ذلك.

قوله: (وحمد وهلل وكبر) أي: لبى بالحج والعمرة.

قوله: (وأهل الناس بهما) يعني: بعض الناس وليس كلهم؛ لأن بعض الناس لم يكن قارناً، فقد كان فيهم المفرد، وفيهم المتمتع، وأمهات المؤمنين كلهن كنّ متمتعات.

وقوله: (أهل الناس) أي: أهل بعض الناس بهما معاً كما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمقصود -كما قلنا- بعض الناس وليس كلهم، فهذا من العام الذي أريد به الخصوص، وليس من العام الباقي على عمومه.

قوله: (أمر الناس فحلوا) أي: الذين لم يسوقوا الهدي من القارنين أو المفردين، وأما الذين كانوا معتمرين فإنهم إذا طافوا بالبيت وسعوا وقصروا تحللوا، وأما القارنون والمفردون فقد أمروا أن يطوفوا ويسعوا، ويكون ذلك عمرة.

(حتى إذا كان يوم التروية أهلوا بالحج) أي: أن الذين تحللوا أحرموا بالحج من الأبطح من منى، وهو المنزل الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم نازلاً فيه، فأحرموا من الأبطح، ثم ذهبوا إلى منى وهم محرمون، وصلوا بها الظهر في اليوم الثامن.

قوله: (ونحر النبي صلى الله عليه وسلم سبع بدنات بيده قياماً) يعني: هذا من جمله ما نحر، وإلا فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر بيده ثلاثاً وستين، وأمر علياً أن ينحر ما غبر، أي: ما بقي.

[قال أبو داود: الذي تفرد به -يعني: أنساً - من هذا الحديث: أنه بدأ بالحمد والتسبيح والتكبير، ثم أهل بالحج].

قال أبو داود: الذي تفرد به أنس -يعني: من هذا الحديث- هو: التسبيح والتكبير والتحميد ثم أهل بالحج، ومادام أن التسبيح والتحميد ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فينبغي على الإنسان أن يفعله، وقد ذكر ذلك البخاري في صحيحه، وبوب له باباً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>