للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا قصرت أيدي الرجال عن العلا ... مددت لها باعاً عليا فنلتها

ومكرمة كانت رعاية والدي ... فعلَّمينها والدي فنقلتها

وإني سألقى الله لم أرم حرّة ... ولم تأتمني يوم سرّ فخنتها

ولا قاذف نفسي ونفسي بريئة ... وكيف اعتذاري بعد ما قد قذفتها

بل حسبك منه قوله:

ناري ونار الجار واحدة ... وإليه قبلي تنزل القدر

ما ضر جاري إذ أجاوره ... ألا يكون لبيته ستر

أعمى إذا ما جارتي خرجت ... حتى يواري جارتي الخدر

ويصم عما كان بينهما ... سمعي وما بي غيره وقر

[السباء]

كانت الحرب تعصف بالعرب ما شاءت أن تعصف، ثم تنكشف عنهم وهم بين قاهر محتكم ومقهور ذليل. ثم لا تسكن نأمتها، ولا يخف هديرها حتى يستبيح القاهر حمى المقهور، ويستاق نساءه حواسر الرؤوس، بين ذل الغربة، وعار السباء، وهو بعد ذلك إما مجمل يعتقهن فيتزوجهن، وإما بغيض منتقم يتخذ منهن رعاة الإبل، وجواري الخسف ما شاءت له ثائرة نفسه، وسموم حقده، وبين هذا وذاك يحال بينهن وبين ذويهن فلا يلقون بعدهن إلا الهوان.

وأي نكبة ثمرّ أشد عليها من أن تكون ناعمة في دارها، آمنة في سر بها، مبتهجة بين لداتها وعشيرتها ثم تمسى وقد سلها القاهر المستبيح من ذلك كله، وقادها إلى امرأة سَبية أسيرة تطلب رحمتها؛ وتسأل إنصافها.

كان ذلك أشد مواطن الرَّوع والفزع في حياة المرأة العربية. فلما دخل العرب

<<  <  ج: ص:  >  >>