للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فآيسني من رأفته تركه لكنيتها آخر ما

أطعمني من به بها أولا قالت: ظئرك يحيى وأبوك بعد أبيك، ولا أصفه بأكثر مما عرفه به أمير المؤمنين من نصيحته وإشفاقه عليه، وتعرضه للحتف في شأن موسى أخيه قال لها: يا أم الرشيد أمر سبق وقضاء حم وغضب من الله نفذ قالت: يا أمير المؤمنين يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب. قال صدقت! فهذا لم يمحه الله. فقالت: الغيب محجوب عن النبيين فكيف عنك يا أمير المؤمنين؟ قال سهل: فأطرق الرشيد مليا ثم قال:

وإذا المنية نشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع

فقالت بغير روية: ما أنا ليحي بتميمة يا أمير المؤمنين وقد قال الأول:

وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد ... ذخراً يكون كصالح الأعمال

هذا بعد قول الله عز وجل: والكاظِمِين الغَيْظ والعافينَ عن النَّاسِ والله يحبُّ الْمحِسنين. فأطرق هارون مليا، ثم قال يا أم الرشيد أقول:

إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد ... إليه بوجه آخر الدهر تُقْبِلُ

فقالت يا أمير المؤمنين وأنا أقول:

ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني ... يمينك فانظر أي كف تبدّل

قال هارون: رضيت. قال فهبه لي، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ترك شيئاً لله لم يوجده الله فقده. فأكب هارون مليا، ثم رفع رأسه يقول: للهِ الأمر من قبلُ ومن بعدُ. قالت يا أمير المؤمنين آليتك ما استشفعت إلا شفعتني. قال: واذكري يا أم الرشيد أليتك أن لا شفعت

<<  <  ج: ص:  >  >>