للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[في الأنفة والإباء]

دخل عبد الملك بن مروان على زوجته عاتكة بنت يزيد فرأى امرأة بدوية أنكرها فقال لها من أنت؟ قالت أنا الوالهة الحرّى ليلى الأخيليَّة. قال من القائل:

أريقت جفان ابن خلع فأصبحت ... حياض الندى بهن المراتب

فعُفَّاؤُها لَهفي يطوفون حوله ... كما انقض عرش البئر والورد عاصب

قالت أنا الذي أقول ذلك. قال: فما أبقيت لنا. قالت: ما أبقي الله لك؛ نسباً قُريشياَّ وعيشاً رخيا، وإمرة مطاعة. قال أفردته بالكرم! قالت: أفردته بما انفرد به فقالت عاتكة لعبد الملك: قد جاءت تستعين بنا عليك في عين تسقيها وتحميها لها، ولست لِيَزِيد إنن شفَّعتها من حاجاتها لتقديمها أعرابيا جِلْفاً جافيا على أمير المؤمنين، فوثبت ليلى فجلست على راحلتها وقالت:

ستحملني ورحلي ذات لَوثٍ ... عليها بنت آباء كرام

إذا جعلت سواد الشام دوني ... وأغلق دونها باب اللئام

فليس بعائد أبداً إليهم ... ذوو الحاجات في غلس الظلام

أعاتك لو رأيت غداة بنّا ... سلو النفس عنكم واعتزامي

إذاً لعلمت واستيقنت أبي ... مشيعة ولم ترعَىْ ذمامي

أأجعل مثل ما وخدت برحلي ... أبا الذبَّان فوه الدهر دامي

معاذ الله ما وخدت برحلي ... تغذ السير في البلد التهامي

أقلت خليفة فسواه أحجي ... بإمرته وأولي بالشآم

لئام الملك حين تُعد كَعبٌ ... ذوو الأخطار والخطَطِ الجسام

<<  <  ج: ص:  >  >>