للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قالت الرابعة:

خدنٌ نفيس من الدنيا فجعت به ... أفضى إليه الردى في حومة القدر

ويْح المنايا أما تنفك أسهمها ... معلقات بصدر القوس والوتر

يبلي الجديدان والأيام ... والدهر يُبْلِى وتَبلى جدّة الحجر

ثم قمن فقلن بصوت واحد:

كنا من المساعده ... نحيا بنفس واحدة

فمات نصف نفسي ... حين ثوى في الرمس

فما بقائي بعدَهُ ... وشطر نفسي عنده

فهل سمعتم قبلي ... فيمن مضى بمثلي

عاش بنصف ... في بدن صحيح

ثم تنَّحين وقلن لبعض الخدم كم عندك؟ قال أربعة، قلن ائت بهن، فلم ألبث إلا قليلا حتى طلع بقفص فيه أربعة غربان مكتفان فوضع القفص بين أيديهن فدعون بعيدان فأخذت كل واحدة منهن عوداً فغنت:

لعمري قد صاح الغراب بينهم ... فأوجع قلبي بالحديث الذي يبدي

فقلت له أفصحت بعدها ... بريش فهل للقلب ويحك من ردّ

ثم أخذن واحداً من الغربان فنتفن ريشه حتى تركنه كأن لم يكن عليه ريش قط، ثم ضربنه بقضبان معهن لا أدري ما هي حتى قتلنه، ثم غنت:

أشاقك والليل مُلْقى الجران ... غراب ينوح على غصن بان

أحَص الجناح شديد الصياح ... يبكي بعينين ما تهملان

وفي نَعبَات الغراب اغتراب ... وفي البان بينٌ بعيد التداني

ثم أخذ الثاني فشددن في رجليه خيطين وباعدن بينهما وجعلن يقلن له:

<<  <  ج: ص:  >  >>