للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاجتي؟ وكان معاوية مدة حكمه في الشام أميرا نحو عشرين سنة، وخليفة مثلها يعمد إلى المال فينفقه إذا رأى هناك مصلحة، وما ينحسم بالمال وحسن التدبير لا يحله بإهراق الدماء إلا بعد الإضطرار الشديد.

[مقتل عثمان بن عفان:]

وبينا كان معاوية في الشام مستقلا بعض الاستقلال بعيدا عن كل شغب أخذ الناس ينقمون في الحجاز وغيره على عثمان لست سنين من خلافته وتكلم فيه من تكلم. فاجتمع ناس من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام كتبوا كتابا ذكروا فيه ما خالف فيه عثمان سنة رسول الله وسنة صاحبيه، وما كان من هبته خمس إفريقية لمروان وفيه حق الله ورسوله ومنهم ذوو القربى واليتامى والمساكين، وما كان من تطاوله في البنيان حتى عدوا سبع دور بناها بالمدينة دارا لنائلة ودارا لعائشة وغيرهما من أهله وبناته، وبنيان مروان القصور بذي خشب وعمارة الأموال بها من الخمس الواجب لله ورسوله، وما كان من إفشائه العمل والولايات في أهله وبني عمه من بني أمية أحداث وغلمة لا صحبة لهم من الرسول ولا تجربة لهم بالأمور. هذه خلاصة دعواهم عليه وقد دفع عن نفسه كل ذلك فما اقتنعوا ولا كفوا عن النيل منه.

وما زال عثمان على شيخوخته مغلوبا لمروان وبني أمية وأهم ما عدوا عليه توسيده الأمور لهم، حتى قتل في المدينة وتولى الخلافة علي بن أبي طالب. وكان معاوية على مثل اليقين من أن عليا لا يقره على الشام فكان كما ظن، وهنا ظهر نبوغ معاوية السياسي حتى بلغ ما أراد وقسم الأمة شطرين له وعليه وكانت كفته

الراجحة. ولما بعث علي عماله على الأمصار كان من جملة من بعث سهل بن حنيف إلى الشام، فأما سهل فإنه لما انتهى إلى تبوك وهي تخوم أرض الشام استقبلته خيول لمعاوية فردوه فانصرف إلى علي فعلم علي عند ذلك أن معاوية قد خالف وأن أهل الشام بايعوه. واختلفت الآراء في تبعة معاوية من مقتل عثمان فقال فريق: إن عثمان كتب إلى معاوية: إن أهل المدينة قد كفروا وخلعوا الطاعة ونكثوا البيعة

<<  <  ج: ص:  >  >>