للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ببيت المقدس بعد قتل عثمان وحمل كل واحد منهما صاحبه الأمانة أن بيننا عهد الله على التناصر والتخالص والتناصح في أمر الله والإسلام، ولا يخذل أحدنا صاحبه بشيء ولا يتخذ من دونه وليجة ولا يحول بيننا ولد ولا والد أبداً ما حيينا فيما استطعنا.

وهكذا أخذ معاوية يحرك النفوس ويطالب بثأر عثمان ومما كتب به إلى علي: ولكنك أغريت بعثمان المهاجرين وخذلت عنه الأنصار فأطاعك الجاهل وقوي بك الضعيف وقد أبى أهل الشام إلا قتالك حتى تدفع إليهم قتلة عثمان. فأجابه عليّ: زعمت أنه إنما أفسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان، ولعمري ما كنت إلا رجلاً من المهاجرين أوردت كما أوردوا وأصدرت كما أصدروا، وما كان الله ليجمعهم على ضلال ولا ليضربهم بالعمى، وما أمرت فيلزمني خطيئته عثمان، ولا قتلت فيلزمني قصاص القاتل. . . وأما قولك تدفع إليك قتلة عثمان، فما أنت وعثمان؟ إنما أنت رجل من بني أُمية وبنو عثمان أولى بعثمان منك.

حرب صِفّين:

وما برحت الحزازات تشتد بين عليّ ومعاوية يريد الأول أن يبايع له الثاني، ويطالب الثاني بدم عثمان وهو مستقل بالشام، حتى التقيا سنة ٣٧ في صِفِيّن من أرض الشام بجيشيهما وكانت بينهما وقائع سالت فيها الدماء كالأنهار، فقتل من أهل الشام جيش معاوية خمسة وأربعون ألفاً، ومن أهل العراق والحجاز جيش عليّ خمسة وعشرون ألفاً، وكان معاوية في مائة وعشرين ألفاً، وعلي في تسعين ألفاً، وجسّر عليٌّ الجنود حتى قُتل من أبطال الإسلام في تلك المعارك ألوف ولم يكترث بقتلهم وإن علياً لينغمس في القوم فيضرب بسيفه حتى ينثني ثم يخرج متخضباً بالدم حتى يسوى له سيفه ثم يرجع فينغمس فيهم. ويقول الدينوري: كان أهل الشام أيام صفين إذا انصرفوا من الحرب يدخل كل فريق منهم في الفريق الآخر فلا يعرض أحد لصاحبه، وكانوا يطلبون قتلاهم فيخرجونهم من المعركة ويدفنونهم. وروى ابن سعد قال: اقتتل الناس بصفين قتالاً

<<  <  ج: ص:  >  >>