للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصرية. وبعض هذه الصادرات قد بطل إصداره اليوم من الشام.

ولقد تضررت حلب ودمشق بفتح البرتقاليين طريق رأس الرجاء الصالح في جنوبي إفريقية سنة ١٤٩٧م، وكان أول من اكتشفه من البيض الفينيقيون نحو القرن السابع قبل المسيح، وتأذت تجارة حلب ودمشق بفتح الفرنسيين ترعة السويس سنة ١٨٦٨، وكان من نكبة الشام بفتح هذه الترعة أن انتقل كثير من تجار دمشق وحلب إلى بيروت والإسكندرونة والقاهرة وطنطا وإزمير وسلانيك والآستانة ومانشستر ومارسيليا وميلانو وغيرها من المدن الأوربية والإفريقية والآسياوية، وقد تحولت تجارة الصين والهند إلى البحر، وبطل عمل القوافل التي كانت تغدو وتروح بين الشرق الأدنى والأقصى، وقل عدد الذين يمرون بدمشق من الروم وغربي آسيا للذهاب إلى الحجاز، وأصبح معظمهم يركب البحر إلى البقاع الطاهرة تخفيفاً من عناء الأسفار في القفار وانحصرت التجارة الداخلية في حدود ضيقة، وأصبحت لا تتعدى حد المستهلكات، وصار لها مواسم قلما تروج في غيرها، ولما انتظم سير السفن البخارية، وكثر اختلافها إلى مواني الشام، وكانت رحلاتها من قبل متقطعة مختلفة المواعيد، تجرأ الناس على الاتجار

وتضاعفت الصلات التجارية بين الشام والأصقاع الإفرنجية.

يقول بعض الكتاب: إن التجارة البحرية لم تنقطع في البحر الرومي في القرن الأول للإسلام إلا بما كان يبدو من حركة الأسطول اليوناني، ولكن تجارة الشام أصيبت بالتأخر مع أوربا لما أصبح للشام منافس كالبصرة التي كانت لقربها من الهند أكثر منافسة للشام.

وظهرت ظاهرة مهمة في الشام منذ نحو ثمانين سنة أثرت فيه تأثيراً كبيراً وذلك أن جماعةً من تجار بيت لحم في فلسطين حملوا مصنوعاتهم الخشبية والصدفية إلى معرض فلادلفيا سنة ١٨٧٦م فربحوا كثيراً ولما عادوا كثر المقتفون لآثارهم من التجار وغيرهم من أهل الشام وبدأ الناس بالهجرة طلباً للربح، وكانت الهجرة مقصورة أولاً على سكان الجبال من لبنان وعامل واللكام ثم تعدت إلى سكان السهول، وكان المستأثر بها سكان القرى فتعدت إلى سكان المدن، وكان التجار على الأغلب مسيحيين فأصبحوا بعدُ من

<<  <  ج: ص:  >  >>