للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عامل العراق ليزيد من ذلك أمرا نكرا أكبره أهل الإسلام وزادت بذلك شيعة علي وآله حنقا وشدة. ولم يكن يزيد يريد قتل الحسين عملا بوصية والده له، فإن زحر بن قيس لما حمل من العراق إلى الشام أهل بيت الحسين ودخل على يزيد وبشره بذلك دمعت عينه وقال: قد كنت أرضى من

طاعتكم بدون قتل الحسين لعن الله ابن سمية يعني ابن زياد، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه فرحم الله الحسين. ومن الأحداث في أيام يزيد تسييره بالجيش إلى نواحي حماة وتصدي أهل لبنان له وهزيمته. وغزا الروم في ولايته للعهد ثم غزاهم في خلافته وعد ذلك من مزاياه ومزايا أبيه.

واتفق أهل المدينة سنة ٦٢ على خلع يزيد فأخرجوا عماله وآله فجهز جيشا مع مسلم بن عقبة وأمره بقتال أهل المدينة فإذا ظفر بها أباحها للجند ثلاثة أيام، وأن يبايعهم على أنهم خول وعبيد ليزيد. فقاتل جند الشام أهل المدينة في الحرَّة واستباح مسلم المدينة، وكان قتلى الحرة سبعمائة من وجوه الناس من قريش والمهاجرين والأنصار وعشرة آلاف من وجوه الموالي، ثم بايع من بقي من الناس.

حنقت نفوس الأمة من وقعة الحرة لأن فتنتها التهمت بضع مئات من علية قريش، وكانت غلطة زياد في قتل الحسين وسبي آله الطاهرين ذريعة أكبر للنيل من يزيد وآل يزيد، فتقولوا عليه وحطوا من كرامته، مع أنه سار بسيرة أبيه في الملك من التوسع في الفتوح وقتال أعداء المملكة من الروم. أما وقعة الحرة فإن أهل المدينة استطالوا على يزيد وحاسنهم فخاشنوه وأحرجوه حتى أخرجوه.

[عهد معاوية الصغير:]

توفي يزيد بن معاوية سنة ٦٤ وبويع ابنه معاوية بن يزيد ثالث خلفاء بني أمية، ولما استخلف لبث شهرين وليالي محجوبا لا يرى، ثم خرج بعد ذلك فجمع الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إني نظرت فيما صار إليَّ من أمركم، وقلدته من إمارتكم، فوجدت ذلك لا يسعني فيما بيني وبين ربي أن أتقدم على قوم وفيهم من هو خير مني، وأحقهم بذلك وأقوى على ما قلدته، فاختاروا مني إحدى خصلتين إما أن أخرج منها وأستخلف عليكم من أراه لكم رضىً ومقنعا، ولكم الله

عليَّ لا آلوكم نصحا في الدين والدنيا، وإما أن تختاروا لأنفسكم وتخرجوني

<<  <  ج: ص:  >  >>