للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن بعض أنحاء لبنان قد تأخرت في التعرب بجملتها حتى القرن الرابع عشر للميلاد فيما قيل، وقلَّ انتشار العربية في أعالي لبنان وظل السكان في عدة قرى يتكلمون بالسريانية وذلك لقلة المخطوطات العربية ولا سيما بين الموارنة. وكان أهل بشرّي وحصرون والقرى المجاورة لهما إلى قبيل مائة سنة يتكلمون بالسريانية، كما بقيت إلى اليوم ثلاث قرى في جبل قلمون أي سنير وهي جيعدين ومعلولا وبخعة يتكلم المسلمون من أهلها والمسيحيون مع العربية باللغة السريانية، وسريانيتهم أفصح من السريانية العامة اليوم في آثور والجزيرة والعراق على ما قاله العارفون.

[اللغة التركية:]

وبينا كان جبل لبنان الشرقي والغربي يحفظان في مغاورهما بقايا اللغة السريانية التي انحصرت في الأديار والبيع، بعد أن انهزمت أمام العربية، كانت بعض أرجاء جبال اللكام وما إليها تؤوي من اللغات اللغة التركية أو التركمانية. وعندما رحل الأشرف قايتباي سنة ٨٨٢ هـ من مصر إلى أقصى الشام كان الأهلون من اللاذقية إلى البيرة بيره جك يتكلمون بالتركية. قال مؤلف رحلته: وأهل البيرة يتحدثون بالعربي اللطيف أكثر من التركي بخلاف ما تقدم من البلاد، فإنه من حين توجهنا من اللاذقية والى البيرة لم يكن كلامهم إلا التركي.

ولم نعرف العهد الذي انتشرت فيه التركية في الحدود الشمالية من الشام معرفة أكيدة، والمتكلمون بالعربية في بعض الجهات أكثر من المتكلمين بالتركية. ومن شأن أقاليم التخوم على الأغلب أن تتكلم بلغتين ومنهم من يتكلم بثلاث. ونزول الأتراك في جزء صغير من شمالي الشام أقدم من زمن العثمانيين وربما كانوا من زمن السلجوقيين والأتابكيين. ومدينة حلب برزخ بين الديار العربية والديار التركية. وعلى نحو أربعين كيلومترا من شمالي حلب يقل المتكلمون بالعربية وتصبح الأقاليم إلى التركية أقرب وتتكلم بعض قرى كليس بالعربية والتركية والكردية، وجميع السكان عرب من شرق حلب وغربها، ما عدا بعض قرى من عمل حارم فسكانها من

<<  <  ج: ص:  >  >>