للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العهد العثماني من سنة ١٢٠٠ إلى ١٢٤٧]

[الجند أداة الظلم والتدمير:]

كان الشام في هذا القرن مهد القلاقل والثورات، يقع الاعتداء في الأكثر على النصارى واليهود وأهل السكينة من المسلمين. وأكثر الفوضى ناشئة من الجند الجاهل الذي تمادى في اللؤم والدناءة حتى آض كالوحوش الضارية. ويقسم هذا الجند إلى ثلاثة أقسام: الإنكشارية والقبو قولي وهما القسمان القويان، والقسم الثالث حرس الولاة الخاص وهو يتألف من المغاربة والتكارنة والترك والأرناؤد والدالاتية وغيرهم، والعداوات متأصلة بينهم. ولطالما قامت بسبب ذلك فتن، ووقعت ويلاتها على الشعب فيهرق دمه وتنهب أمواله، وتغلق حوانيته، وتقف الأعمال، ولا سيما في الحواضر كدمشق وحلب. ولا تنفض هذه المشاكل إلا بتدخل الولاة أو أحد الأعيان، ويتكرر ذلك أبداً لأن العلة الأولى فيها لم تستأصل ما دام المجرمون لا يعاقبون والأوباش لا يُحملون على حرمة الشريعة. ولذلك كانت شوارع المدن وأحياؤها كثيرة الأبواب والأرتجة وتقفل أيام الثورات، وساعة المخاصمات والمشاغبات، والأزقة ضيقة معوجة لتصلح لحرب المتاريس.

وأكثر رجال الجندية نفوذاً الإنكشارية لكثرتهم وشدتهم وصداقتهم للوالي. وكان زعماء الجند يلقبون بالأغاوات. ويرسمون على أيديهم الوشم شعار الفرقة التي

ينتمون إليها، ويرسم على أبواب المقاهي اسم الفريق الذي يختلف إليها، وليس لهم نظام خاص. والمحلات تخضع للأغا المقيم فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>