للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكلام على جامع الترمذي]

الكلام على جامع الإمام الترمذي: والإمام الترمذي عندما سمى كتابه: الصحيح الجامع، شمل هذا الاسم فائدة وحكماً: أما الحكم فهو سحب حكم الصحة على ما بداخل هذا الكتاب؛ لقوله: الصحيح، وكأنه أيضاً اشترط في كتابه أنه صحيح، أو أنه لا يورد فيه إلا الصحيح، ثم خالف ما بداخله هذا الحكم؛ لأن الإمام الترمذي أحياناً يقول على حديث: حسن صحيح، وأحياناً يقول: صحيح، وأحياناً يقول: حسن، وأحياناً يقول: حسن صحيح غريب، وأحياناً يقول: صحيح غريب، وأحياناً يقول: حسن غريب، وأحياناً يقول: غريب فقط من غير صحيح ولا حسن؛ وكل مصطلح من هذه المصطلحات له مدلول عند الترمذي.

الشاهد من هذه المصطلحات كلها: لو قال الإمام الترمذي بعد أن أخرج حديثاً: هذا حديث غريب؛ فالذي يفهم من هذا المصطلح أنه غالباً يقصد الضعف، وهذا مأخوذ بالاستقراء.

فإذا كان الترمذي نفسه يحكم على بعض ما رواه بأنه ضعيف -وهو المعني بقوله: غريب- فكيف يسمي كتابه الصحيح؟ وسماه الجامع لأنه يتكلم في كل أبواب العلم: من العقائد والأحكام والحدود والفقه والتفسير وغير ذلك؛ ولذلك الشيخ أحمد شاكر رحمه الله لما بذل جهده في التعليق على الكتاب غمز هذا الاسم على غلاف الكتاب، فقال: سنن الترمذي المسمى بالصحيح الجامع.

وهذا إنكار من الشيخ أحمد شاكر أن يتسمى هذا الكتاب بالصحيح، وكذلك ما قيل في سنن الترمذي يقال في سنن النسائي، فكتاب النسائي المسمى والمعروف بسنن النسائي هذا أيضاً ليس أصل كتاب النسائي، إنما هو اختصار وتهذيب لأحد تلامذة الإمام النسائي وهو الإمام ابن السني، طلب منه أن يختصره وأن يجتبيه؛ فسمي المجتبى والمنتقى والمختصر لأصل كتاب الإمام النسائي وهو السنن الكبرى، فأصل كتاب النسائي فيه كثير من الأحاديث الموضوعة، بل فيه الحديث الموضوع، وقيل: إن ابن السني اجتهد ألا يقع في ذلك، ولكنه أيضاً وقع فيه، وروى أحاديث حكم عليها العلماء بعد ذلك بالوضع.

ونتوقف على مسند الإمام أحمد.

سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

<<  <  ج: ص:  >  >>