للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفقهاء أنه تستحب المتعة لكل مطلقة؛ وقد ادعى بعض الفقهاء وجوبها، عملا بقوله تعالى: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْروفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقينَ).

وفى الجملة إن التسريح بالمعروف يتقاضى الامتناع عن كل أذى، ومد يد المعونة إن تعينت إليه؛ وهذا هو التسريح الجميل المذكور في قوله تعالى: (وَسَرِّحوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا).

(وَلا تمْسِكوهنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) وإذا كان الإمساك بالمعروف، أو التسريح بالإحسان هو المطلوب، فإن الإمساك الذي يترتب عليه الضرر لا يسوغ وقد يسأل سائل: إن الله سبحانه وتعالى قد أمر بالإمساك بالمعروف، أو التسريح بالإحسان، وإن ذلك يفهم منه ضمنا النهي عن الإمساك ضرارًا وإيذاء؛ إذ إن الله سبحانه وتعالى قد خير المؤمن بين أمرين لَا ثالث لهما، فكان ذلك نهيا عن الثالث والرابع، وهو الإمساك ضرارًا، والتسريح مع الإيذاء.

والجواب عن ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد خص الإمساك ضرارًا بالنهي بعد أن فهم النهي عنه وعن غيره ضمنًا، ليبين للمؤمن أنه لَا يحل له أن يراجع إلا إذا كان قد اعتزم العدل وأراده، ولم يجد معوقًا له عن إقامته، بل وجد أنه يستطيع أن يتعاون مع أهله عليه، وأن التنفير من الطلاق والنهي عن القطيعة لَا يسوغان له أن يرضى بإعادة العشرة مع توقع الضرار والأذى، واستمرار الحياة المعتكرة بالشر والحدة والأذى، فإنه إذا كانت القطيعة والفراق أمرين غير مرغوب فيهما، ويتنافيان مع المودة التي يدعو إليها الإسلام؛ فإن الضرار بين الزوجين أمر منهي عنه، وإن المودة هي المطلوبة، فإن تعذر قيامها، أو غلب على الظن عدم قيامها، فلا يسوغ استئناف الحياة الزوجية مع النفرة المستحكمة، والأذى والنشوز؛ فإن ذلك هو الكفر في الإسلام؛ لأنه كفر في العشرة، وعداوة في موطن المودة، ومكايدة في موضع المسالمة.

وقد فهم بعض العلماء أن المراد من الضرار هو الإضرار، فإن ذلك هو الذي يصلح سببًا من جانب الذي يملك الرجعة وحده وهو الزوج؛ أما الزوجة فإنها

<<  <  ج: ص:  >  >>