للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مأخوذ من المتاع، وأصل المتاع الامتداد في الارتفاع، يقال متع النهار إذا ارتفع؛ ثم انتقل إلى الانتفاع الممتد، ثم إلى الشيء المنتفع به انتفاعًا ممتدًا يعلو به الشخص في الحياة الدنيا، ثم أطلق على كل ما ينتفع به؛ ومنه المتعة في الزواج، وهو ما يعطي للمطلقة لتنتفع به مدة عدتها؛ ويلاحظ أن يكون الانتفاع مما يمتد زمنًا، ومما يعلو به الشخص؛ ولذا عرَّفها الشافعي بأنها: شيء نفيس يعطيه المطلق للمرأة لتنتفع به أمدًا.

وقد جعل الله سبحانه المتعة تابعة لحال الرجل، فقال: (عَلَى الْمُوسِع قَدَرهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ).

المُوسِع: القادر المطيق للإنفاق عن سعة، فهو ذو السعة أي القدرة الكبيرة، كما قال تعالى في الإنفاق: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ من سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْينفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ. . .)، والمقتر هو من كان قليل المال، مأخوذ من أقتر الرجل بمعنى قلَّ ماله؛ والقدَر: الطاقة، أو المقدار؛ والمعنى؛ على الموسع قدر طاقته، وعلى المقل قدر طاقته؛ وقرئ (قَدَرهُ)، وهما بمعنى واحد. وبعض العلماء يفرق بينهما فيجعل " القدَر " بالتحريك المقدار، و " القدْر " بالتسكين الطاقة، والمؤدى واحد بلا ريب؛ إذ المراد والله أعلم: أن ذلك المال الكثير يكون عطاؤه متناسبا مع ما آتاه الله من بسطة في الرزق؛ وذو المال القليل يكون عطاؤه بقدر طاقته.

ولكن مع هذه الرخصة التي أعطيت للمقتر يجب أن يكون ما يعطيه مقدارًا يكون الانتفاع به ممتدًا زمنا؛ ولذا قال سبحانه: (مَتَاعًا بِالْمَعْروفِ) أي يكون شيئًا ينتفع به انتفاعا ممتدًا في الزمان بالقدر المتعارف بين الناس، الذي لَا يستنكره عرفهم، ولا الطبقة التي يكون فيها الزوجان بين الناس. والناس أصناف وألوان، وكل بقدر ما يتعارفه.

ولقد أكد سبحانه وتعالى الطلب في قوله: (وَمَتِّعُوهُن) أكده بصيغة تفيد أن التمتيع لازم لَا مساغ من التخلص من لزومه، فقال سبحانه عز من قائل: (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ)، أي أن التمتيع هو حق أي أمر ثابت لازم واجب على المحسنين

<<  <  ج: ص:  >  >>