للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مولود يولد على الفطرة (١)، وهي نور، حتى يكون الضلال بما في النفس من استعداد له مع وجود ذلك النور.

(أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) الإشارة إلى الذين كفروا، وفي هذه الإشارة بيان إلى أن أحوالهم التي عرفوا بها من كفرهم، ورضاهم بالطغيان حاكمًا عليهم متحكمًا فيهم مسيطرًا على قلوبهم، هي السبب في ذلك الحكم الخالد عليهم، وهو أنهم أصحاب النار.

وفى التعبير بأصحاب النار إشارة إلى ملازمتهم لها، وبقائهم فيها، واختصاصها بهم؛ لأن أصحاب جمع صاحب، والصاحب هو الرفيق الملازم الذي اختصصت بصحبته، فهذا التعبير أفاد ملازمتهم للنار واختصاص النار بهم.

وفى قوله تعالى: (هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) تأكيد لبقائهم فيها واختصاصها بهم دون غيرها؛ ذلك لأن التعبير بالجملة الاسمية فيه تأكيد، وتكرار المسند إليه بذكر كلمة " هم "، فيه فضل تأكيد، وتقديم الجار والمجرور وهو " فيها " دليل على اختصاصها بخلودهم فيها فلا منفذ لهم في غيرها؛ لأنهم سدوا على أنفسهم باب النور في الدنيا، فسدت عليهم أبواب الرحمة في الدنيا والآخرة.

* * *


(١) عن أبَي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ "، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠]، [رواه البخاري (١٢٧١): الجنائز، ومسلم (٤٨٠٣): القدر].

<<  <  ج: ص:  >  >>