للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولها: إن العزة لله وحده فلا يركن إليه مؤمن إلا عزَّ، ولا يبعد عنه أحد إلا ذلَّ، فمن اعتز بغير الله فهو الذليل، ومن آوى إلى فضل الله فقد آوى إلى ركن شديد. وأن مناسبة هذا للآيات السابقة كلها واضحة، لأن إبراهيم كان يغالب طاغية جبارًا عاتيًا قد استهان بالناس جميعا كما دلت عليه الآية الأولى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ).

فالله العلي القدير يدعو خليله أن يتقدم لدعوة ذلك الجبار معتزا بالله فلا عزة إلا من الله، والله غالب على النمرود ومن هو أكبر من النمرود.

وثانيها: الإشعار بأن الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء وعزته هي عزة القادر الغالب، لَا عزة الضعيف العاجز.

وثالثها: إن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق بحكمته وبعث الرسل يدعون إلى عبادته وحده وهو الذي قدر الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وكل ذلك من مقتضى الحكمة الإلهية التي لَا تصل العقول إلى العلم بها؛ لأنها لَا تعلم من الكون إلا مظاهره وأشكاله وألوانه، ولا تعلم شيئا عن كيفيته وأسراره، إن ذلك كله عند علام الغيوب، وفوق كل ذي علم عليم.

* * *

(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>