للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأكثرهم غرورا، أليس هو القائل: (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي. . .)، أليس هو الذي ذهب به فرط غروره إلى أن يقول في حماقة ظاهرة: (يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى. . .)، ولقد كان مستكبرا يصم آذانه عن سماع الحق حتى لقد قال سبحانه فيه: (وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بغَيْرِ الْحَقِّ. . . -).

ولقد بين سبحانه وتعالى نتيجة الغرور في آل فرعون والذين من قبلهم، وهو التكذيب بآيات الله، وقد ترتب على التكذيب نؤول العقاب الشديد، سنة الله في الذين كفروا ولجوا ولم يثوبوا إلى رشدهم، وينيبوا إلى ربهم، فقال سبحانه:

(كَذَّبُوا بِآيَاتنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) هذا هو الدأب والعادة، وهو الغروَر المُرْدي، وهذه نتائجه التي تجمع بين المغرورين دائما، وهو التكذيب بآيات الله تعالى. وفي هذه الجملة السامية يقرر الله سبحانه ثلاث حقائق ثابتة، اثنتان منها تتعلقان بالكافرين المغرورين، وهما: التكذيب بآيات الله تعالى، والعقاب الذي يأخذهم سبحانه وتعالى به، والثالثة بيان شأن من شئون الله تعالى جلت قدرته، وهو أنه سبحانه وتعالى شديد العقاب، كما أنه سبحانه غفور رحيم، وأنه المنتقم الجبار، كما أنه اللطيف الخبير.

فأما الحقيقة الأولى فقد قال سبحانه فيها (كَذَّبُوا بِآيَاتنَا) أي كَذبوا بالآياتِ والأدلة التي تثبت رسالات الرسل، وتثبت وحدانية الله تعالى. وأضاف سبحانه الآيات إليه جلت قدرته، للإشارة إلى عظم دلالتها وقوة إثباتها، وأنها آيات الخالق لتعريف خلقه، وأدلة الواحد الأحد لإثبات وحدانيته، ومع ذلك لجوا واستمروا في غيهم يعمهون.

والحقيقة الثانية: قال سبحانه وتعالى فيها: (فَأخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ) أي أنه سبحانه وتعالى يعاقبهم على هذه الذنوب بما يساويها، وبما يقابلها، وعبر عن العقاب بهذا التعبير، لأنه يفيد أُمورًا ثلاثة:

<<  <  ج: ص:  >  >>