للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الآيات السابقة ذكر سبحانه قصة ولادة مريم، وفي هذه الآيات يقص ولادة يحيى، وإن ولادة مريم كانت ذات صلة وثيقة بولادة يحيى عليه السلام، وإنها تتجه نحو خوارق العادات أكثر من ولادة مريم وحالها. فالقصص الأربع تتدرج في خوارق العادات، تبتدئ بالقريب من الألوف تم تنتهي بخوارق لم يكن للناس بها عهد من قبل.

وانتهينا في قصة مريم البتول إلى أن نبي الله زكريا كفلها، وأنها تربت منذ صغرها في المسجد، بيت الله المقدس، وأن الله أفاض عليها بالخير والنعم الظاهرة والباطنة، فملأ قلبها إيمانا وروحانية، وغذاها بلبان العرفة، وبغذاء مادي طيب.

ولقد كان زكريا، ومريم تدرج في مدارج الصبا، شيخا هرما يئس من الولاد، ولكنه عندما رأى مريم وتنشئتها على الإيمان والمعرفة ومحبة من الله تعالى، ورآها ترزق بغير حساب، ورأى منها مع صغر السن نجابة وتفويضا وإيمانا راسخا، حنَّ إلى الولد حنينا، ورغب في الذرية، وكان بين حالين متناقضتين: حال تلك الرغبة وعدم اليأس من رحمة الله القادر على كل شيء، وحال الكبر الذي أصابه، والشيخوخة الفانية التي هو فيها، ولكنه قد تحرك فيه عامل الرغبة عندما تكلم مع مريم في المحراب يسائلها عما عندها من رزق كلما دخل عليها،؛ ولذا قال سبحانه وتعالى في قصته.

<<  <  ج: ص:  >  >>