للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى) والتعبير بـ " الفاء " يفيد أن النداء كان في زمن قريب من الدعاء. وهنا ثلاث نقط نريد أن نوضحها بعض التوضيح:

أولاها: في النداء ونسبته إلى الملائكة، فهل خاطبه بهذا عدد منهم؛ لقد أجاب المفسرون عن ذلك بجوابين؛ أحدهما: أن الذي ناداه هو جبريل الذي ينزل بالوحي على النبيين، ولقد قال في ذلك التفسير ابن جرير الطبري " يقال خرج فلان على بغال البريد، وإنما ركب بغلا واحدا، وركب السفن، وإنما ركب سفينة واحدة، وكما يقال: ممن سمعت هذا؟ فيقال: من الناس، وإنما سمعه من رجل واحد، وقد قيل إن منه (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ. . .)، والقائل فيما ذكروا كان واحدا ".

هذا توجيه من قال إن المراد جبريل. وفي ذكر الملائكة بالجمع إشارة إلى الجنس، أي أن الله سبحانه كان من رحمته به أن أجاب دعاءه، وسارع بتبشيره بإجابته، وكانت الإجابة بملائكته، وإن كان المبلغ واحدا.

وأما التخريج الثاني: فهو أن المراد الجمع من الملائكة؛ لأن من كمال عناية الله تعالى بعباده أن ألقى إليه بالبشرى عدد كبير من الملائكة لَا واحد منهم، وهذا ما رجحه ابن جرير، ولذا قال: " والصواب من القول في تأويله أن يقال إن الله جل ثناؤه. أخبر أن الملائكة نادته، والظاهر من ذلك أن جماعة الملائكة دون الواحد، وجبريل واحد، فلا يجوز أن يحمل تأويل القرآن إلا على الأظهر الأكثر

<<  <  ج: ص:  >  >>