للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن كان قد امتنع عن النساء فعن قدرة واختيار لَا عن عجز؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى ساق ذلك الوصف في مقام المدح والثناء، ولا يتحقق معنى المدح والثناء إلا إذا كان فيه اختيار، ولم يكن عجزا وجبرا. ولأن " حصور " صيغة مبالغة لحاصر، أي أنه يبالغ في منع نفسه من الشهوات.

وليس في النص ما يدل على أنه امتنع عن النساء بخاصة، بل النص يدل على أنه حبس نفسه عن الشهوات، وقدعها عن أهوائها.

الوصف الرابع: أنه نبي من الصالحين، وفي هذا بشارة أخرى لزكريا بأن الله سيختار ابنه نبيا؛ فإن الأوصاف السابقة فيها إجابة لدعائه، ولكن الله سبحانه وتعالى مَنَّ عليه بأعظم مما دعا به، وأعطاه النبوة وقوله (مِّنَ الصَّالِحِينَ) إشارة إلى موطن النبوة. وموضع اختيارها، والله سبحانه وتعالى أعلم حيث يجعل رسالته، وهو سبحانه وتعالى لَا يختارهم إلا من الصالحين، فالله سبحانه يقيهم الانغماس في الشر قبل النبوة، ويعصمهم عن المعاصي بعدها.

استمع زكريا إلى تلك البشارة الإلهية، فاعتراه العجب، لما كان يتنازعه من عامل الرجاء وعامل اليأس، فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>