للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يناصرونه، وهو مشتق من معنى النبوة، والرسالة الإلهية؛ فإن هذه الرسالة بمقتضى وظيفتها وعملها هي عهد موثق بين العبد المختار، والرب الذي اختاره، كمن يرسل رسولا، فإنه يكون ثمة عهد بين الرسول ومن أرسله، بأن يقوم بواجب الرسالة على الوجه الأكمل.

وإنه بمقتضى هذا العهد الموثق الذي اشتق من منصب الرسالة الأسمى، تكون الرسالة الإلهية واحدة في مقصدها وغايتها، وهي إسعاد البشرية، وتنظيم العلاقات الإنسانية على دعائم من الأخلاق الفاضلة المنبعثة من النفس العابدة، والروح الزاهدة، التي لَا تحرم طيبات ما أحل الله.

وإذا كانت الوسائل تختلف أحيانا قليلة، فالغاية واحدة، وهي الرحمة، وإقامة الحق والقسط بين الناس.

وكل نبي متمم ما بدأ به النبي الذي سبقه، أو بالأحرى يؤكد ما جاء به ويوثقه ويقويه، حتى ختم الله أنبياءه بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، فكان خاتم النبيين، ولذلك كان حقا على كل نبي أن يصدق ويؤمن بما يجيء به النبي الذي بعده، والذي أعلمه الله تعالى به، وإذا كان حقا على النبي المبعوث أن يؤمن بمن سبقه، ومن يجيئون بعده ممن أخبره الله تعالى بمجيئهم، فإنه بلا ريب حق على الذين يتبعونه أن يصدقوا ذلك النبي الذي يجيء بعده؛ لأنهم يتبعونه في كل ما يؤمن به؛ فحق على اليهود والنصارى بمقتضى العهد الذي أخذه الله على النبيين، وبمقتضى إيمان هؤلاء النبيين، وتنفيذا لهذا العهد، أن يؤمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وإلا ما كانوا متبعين لموسى وعيسى عليهما السلام، إنما يكونون متبعين لأهوائهم وشهواتهم؛ ولذا يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه جابر: " لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني " (١).


(١) رواه أحمد: مسند المكثرين - مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه (١٤١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>