للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورابعها التعبير بـ (يَبْغُونَ) بدل يريدون، فإنه يفيد شدة إلحافهم وإصرارهم، وفي ذلك إشارة إلى أنهم بذلك ظالمون.

وقد بين سبحانه أن ذلك الأمر الذي ابتغوه وطلبوه كان تمردا على الله، وخروجا على طاعته، مع أنه سبحانه قد أسلم له كل من في السماوات والأرض طوعا وكرها؛ ولذلك قال سبحانه:

(وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السمَوَات وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا). أي أنهم يبغون غير دين الله، ويخرجون عن طاعته؛ مع أَنه قد أسلم له من في السماوات والأرض طوعا وكرها؛ وتقديم الجار والمجرور لإفادة القصر، أي له وحده، لَا لأحد سواه، خضع وأخلص كل من في السماوات والأرض من عقلاء. (طَوْعًا وَكَرْهًا) أي أنهم خاضعون مستسلمون له بنوعين أحدهما: بالطاعة، والإخلاص، والإذعان، وقبول كل ما يحكم به، والتقرب منه بعبادته، وأولئك هم الأخيار.

وثانيهما: بالخضوع لقوته القاهرة، وكونه سبحانه مسير الأكوان؛ لأنه لَا أحد من الخلق له أثر في تسييرها، وفيما يكسب من خير وشر، والجميع في قدرته وحفظه، وهذا الخضوع هو الخضوع كرها وقسرا، وهو سار على الأخيار والأشرار.

ثم هددهم سبحانه بقوله تعالى: (وَإلَيْهِ يُرْجَعُونَ). أي إليه وحده المرجع والمآب، يحاسب كلا على ما صنع من خير وشر.

اللهم اغفر لنا وارحمنا، وأنت خير الراحمين.

* * *

(قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥)

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>