للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قُلْ آمَنَّا بِاللَّه وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ) وهذا أمر من الله لنبيه بأن يبين لهم ارتباط شرائع الله، وأنها سلسلة متصلة، كل حلقة منها آخذة بالحلقة الأخرى، لتنتهي معها إلى نهاية واحدة، وهي الإخلاص، وقد ابتدأ سبحانه بذكر الإيمان بالله، فقال: (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ) والإيمان بالله هو جماع الشرائع كلها، إذ الإيمان بالله يقتضي الإيمان بوجوده واحدا منفردا بالعبودية، ومنفردا بالتكوين والإنشاء، ويقتضي الإخلاص لذاته العلية فيطيعه فيما يأمره به، وينتهي عما ينهاه عنه، وتصديق رسله، وعدم الاستكبار على أحد منهم، وذلك هو الإيمان حقا وصدقا، والإسلام الذي هو دين النبيين أجمعين، وإذا كان الإيمان بالله يقتضي تصديق كل ما جاءت به رسل الله - ذكر سبحانه بعد ذلك الإيمان بما أنزل على النبيين، وهو عطف للمسبب على السبب وللنتيجة على المقدمة، لبيان شرف النتيجة في ذاتها، وأنها غرض مقصود لذاته، وليس فقط تابعا لغيره؛ وذلك لأن ما أنزل على الرسل فيه لُبُّ الشريعة السماوية المشتركة في كل الأديان التي ذكرها الله سبحانه بقوله تعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى به نوِحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَموسى وعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّين ولَا تَتفَرَّقوا فِيهِ. . .).

وإن الأنبياء الذين ذكرتهم الآية هم الأنبياء الذين يدعي اليهود والنصارى أنهم يتبعونهم، وفيهم إسماعيل أبو العرب، وفي ذكرهم بيان أن اليهود والنصارى قد خرجوا عن دينهم بكفرهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>