للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ... (٩٧)

* * *

في هذا النص السامي بيان عظمة البيت الحرام، ومكانته والأدلة على قدمه وبركته؛ ومعنى النص الكريم: فيه علامات واضحة تبين شرف منزلته وقدمه وطهارته، وفيض الله سبحانه وتعالى عليه بالنور وأسباب الهداية، وأنه لَا بيت يدانيه في منزلته عند الله، وإن كان هذا البيت الآخر تشد إليه الرحال (١). وقد قالوا إن قوله تعالى: (مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ) بيان لهذه الآيات البينات، ويصح أن نعتبرها وحدها بيان هذه الآيات من حيث الدلالة على قدمه، وأن بانيه إبراهيم، وأن آثار أقدامه واضحة خالدة فيه، وقد وضح هذا المعنى الزمخشري أتم توضيح فقال:

(فإن قلت كيف صح بيان الجماعة بالواحد؟ قلت فيه وجهان؛ أحدهما: أن يُجعل وحده بمنزلة آيات كثيرة، لظهور شأنه وقوة دلالته على قدرة الله تعالى ونبوة إبراهيم عليه السلام، ومن تأثير قدمه في حجر صلد. . والثاني: اشتماله على آيات كثيرة؛ لأن أثر القدم في الصخرة الصماء آية، وغوصه فيها إلى الكعبين آية، وإلانة بعض الصخر دون بعض آية، وإبقاؤه دون سائر آيات الأنبياء آية، وحفظه مع كثرة أعدائه من المشركين وأهل الكتاب والملاحدة ألوف السنين آية).

وهذا الكلام على اعتبار أن مقام إبراهيم هو موضع الآيات البينات ولكن الذي نراه وقد ذكره الزمخشري أيضا أن هذه الآيات البينات ليست مقام إبراهيم


(١) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى " [متفق عليه؛ رواه البخاري: الجمعة - َ فضلَ الصلاة في مسجد مكةَ والمدينة (١١١٥)، ومسلم واللفظ له: الحج - لَا تشد الرحال (٢٤٧٥)].

<<  <  ج: ص:  >  >>