للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن وجهها، ونحوا ذلك. والثاني أنكم تتبعون أنفسكم في إخفاء الحق وابتغاء ما لَا يتأتي لكم من العوج فيما هو أقوم من كل مستقيم ".

وهذا الكلام في جملته قريب منه ما بيناه آنفا.

ومعنى قوله تعالى: (وَأَنتمْ شُهَدَاءُ) والحال أنكم شهداء عالمون بالحق علم من يعاين ويشاهد ويحكم بأنه الحق والصواب، فهو جحود عن علم، وكفر ليس عن جهل، وإيغال في الكفر بالصد عن سبيل الله، وبينات الحق بين أيديكم وأماراته مُعلِنَة له في أيديكم.

والاستنكار التوبيخي متجه إلى جملة حالهم، ومعنى كلامه السامي سبحانه: لِمَ تصرفون الناس عن طريق الحق، وتبغون الاعوجاج، أو توهمون الناس أن فيه عوجا والتواء، والحال أنكم تشهدون بالحق الذي اشتمل عليه، وتعلمه علم المعايش الذي يراه ويحسه، ولقد أنذرهم سبحانه بعد ذلك بقوله تعالى:

(وَمَا اللَّه بِغَافِل عَمَّا تَعْمَلُونَ) هذا نفي مؤكد لإهمال الله تعالى عملهم، وغفلته عنهم ومما يضمرون ويفعلون، وقد تأكد النفي بالباء الزائدة التي تفيد توكيد النفي، وكان ذلك النفي المؤكد لبيان عاقبة أعمالهم، فإذا كان ما يفعلون في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فإنهم مجزيون به، محاسبون عليه، وهو من جنس ما صنعوا، وما صنعوا بكفرهم وصرفهم الناس عن طريق الله تعالى، وطريق الحق - إلا شرا، وإلا خسارا يعود عليهم في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا يعود بالفشل والذلة، وفي الآخرة عذاب الهون بما كانوا يكسبون.

ولقد حذر الله سبحانه المؤمنين مما يريدونه بهم. فقال سبحانه:

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>