للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نظري؛ لأن الصراط المستقيم هو دين الله القويم، فكيف يكون دين الله هو الذي يهدي إلى دين الله، إنما الذي يهدي إلى دين الله هو الاعتصام بذات الله العلية.

وقوله تعالى: (فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) عبر فيه بالماضي للإشارة إلى التحقق والتأكد والثبوت، أي الجواب يترتب على الشرط لَا محالة، فإذا وجدت حقيقة الاعتصام بالله - وإنها لأجلُّ حقائق هذا الوجود - فإنه يوجد لَا محالة الاهتداء إلى الطريق المستقيم الواضح الذي لَا عوج فيه ولا أمت (١).

اللهم اعصمنا من الزلل، واهدنا فيمن هديت، ووفقنا لما يرضيك يارب العالمين.

* * *

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣)

* * *

بين الله سبحانه وتعالى في الآيات السابقة عناد بعض أهل الكتاب واستمرارهم في غيهم، وسدهم طريق الهداية في قلوبهم، وتحديهم للحق وأهله، ومعاندتهم للبينات الثابتة التي لَا تقبل نكيرا، ثم مجاوزتهم الحد، ومحاولة صدهم المؤمنين عن الحق، وبث روح الفرقة والانقسام، لكي يعود أمر الجاهلية كما كان، ولكي يتفرقوا أوزاعا كما كانوا أولا. وفي هذه الآيات يبين للمؤمنين


(١) الأمت: المكان المرتفع، والعِوَج: المرتفع. الصحاح. فالطريق المستقيم هنا هو المستوي الذي لَا ارتفاع فيه ولا انخفاض.

<<  <  ج: ص:  >  >>