للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ).

الإشارة في الآية الكريمة إلى ما كان من آيات سابقات بينت فيها أحوال النفوس التي ضلت وعميت عن الحق، وكانت الإشارة بالبعيد لعلو منزلة هذه الآيات في بيانها للحق، وإعلانها له، وصدقها فيما حكت وأعلنت، ومعنى (نَتْلُوهَا): ننزلها عليك متلوة مقروءة واضحة مبينة سهلة الفهم لمن يريد الحق ويبتغيه، وقوله تعالى: (بِالْحَقِّ) أي متلبسة بالحق مبينة له موضحة، والحق هو الأمر الثابت الذي لَا مجال للشك فيه، ولا تختلف فيه العقول السليمة، والمدارك القويمة، ولا يوجد أمر ثابت كالحق، وهو ميزان الأفكار ومقياس الأشياء، وعليه قامت السماوات والأرض وما بين الناس. وإضافة التلاوة إلى الله تعالى والإظهار في موضع الإضمار، فقد قال سبحانه: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا) لكي يكون التصريح باسم الله سبحانه وتعالى مربيا في النفس الهابة والإجلال له، وهو المستحق وحده لوصف الألوهية، فلا إله سواه، ولا معبود بحق غيره، وهو ذو الجلال والإكرام، وهو المنشئ الموجد لهذا الكون وما فيه ومن فيه، وهو العلي القدير، فالتصريح باسمه الكريم يزيد البيان جلالا، ويتضمن معنى الحساب لمن يعرض عن آيات ربه، ويجعل النفس لَا تسير وراء الهوى، ويتضمن معنى القدرة على إنزال العقاب والثواب بعد الحساب، وإنه إذا كان كل شيء في هذا الوجود أوجده ربه بالحق، وأخبر عنه، فالظلم منفي عنه سبحانه وتعالى، ولذا قال سبحانه:

<<  <  ج: ص:  >  >>