للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ) هذه الآية وما تليها نزلت في غزوة أحد، إذ خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في السحر من السابع من شوال في السنة الثالثة من حجرة عائشة، وأخذ يصف المؤمنين للقتال، ويقف كل فريق منهم في موقفه، وقد جعل الرماة من وراء المقاتلين، وأمرهم بأن يكونوا وراء ظهور المقاتلين ينضحون عنهم بالنبل، وقال لأميرهم: " انضح الخيل عنا بالنبل لَا يأتونا من خلفنا، إن كانت لنا أو علينا فاثبت مكانك، لَا نؤتين من قبلك " وأمر الجيش كله ألا يتحرك إلا عندما يأذنه بالحركة، حتى إن أحد الأنصار استشرف للقتال وتمناه عندما رأى قريشا قد سرَّحت أفراسها وإبلها في زروع المسلمين، وقال: " أترعى زروع بني قيلة (يعني الأنصار) ولما تضارب ".

وهذا مؤدى قوله تعالى: (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ) ومعنى غدوت: أصبحت مبكرا مسارعا إلى تنظيم جيش المؤمنين جيش الله تعالى، والغدوة والغداة أول النهار، ويذكر الغدو والغداة أول النهار، ويذكر الغدو مقابلا بالآصال أي وقت العصر وقبل المغرب، ومن ذلك قوله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦).

وقوبلت الغداة بالعشي، ويطلق الغدو على الذهاب ويكون مقابلا للرواح، ومن ذلك قوله تعالى في الرياح: (غذوّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ. . .)، وذلك لأن الذهاب عادة يكون في البكور، وتبوئ معناه تسهل وتنظم وتثبت، وأصله من البواء وهو مساواة الأجزإء في المكان، وبوأت له مكانا سويته، ومن ذلك قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى موسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكمَا بِمِصْرَ بيُوتًا. . .).

<<  <  ج: ص:  >  >>