للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ... (١٢٣)

* * *

بعد أن أشار سبحانه إلى تأثير أهل السوء مع كثرة المؤمنين - في غزوة أُحد وكيف حاولوا أن يوهنوا عزائم المؤمنين أخذ سبحانه وتعالى يبين غزوة بدر، وقد كانت وليس بين المؤمنين منافقون، لأن أولئك المنافقين ما دخلوا إلا بعد أن وجدوا أن كلمة الله هي العليا، فأظهروا الإسلام وأبطنوا غيره، وكان منهم يهود ومنهم مشركون، فكان المسلمون قلة، ولكن لأنه لم يكن بينهم منافقون، ولم يتخذوا بطانة من غيرهم نصرهم الله سبحانه وتعالى. والمعنى أن الله تعالى نصركم والحال أنكم كنتم قليلا وكنتم مستضعفين في الأرض كما قال تعالى: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦).

وإن ذكر هذا يدل على أمرين: أحدهما: أنه لابد من التفويض إلى الله تعالى مع أخذ الأسباب، والثاني: أن القلة مع نقاء القلوب وتلاقي العزائم يكون معها النصر، لأن توحيد الغرض قوة في ذاته تكافئ قوة العتاد والعدة، وقد - يقول قائل: كيف يعبر القرآن الكريم عن المسلمين بأنهم كانوا أذلَّة قبل بدر، والذلة أمر نفسي، وما كانوا كذلك في أي دور من أدوارهم، فأولئك الضعفاء الذين كانوا يفتنون في دينهم فلا يغيرون هم في عزة نفسية أكثر من مضطهديهم، والله تعالى يقول: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ. . .).

<<  <  ج: ص:  >  >>