للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) في هذه الجملة السامية ترشيح وتقوية لمعنى النهي السابق، وتأكيد لضلال الكفار ومن يحاكونهم في انشغال أنفسهم بمن ماتوا، وظنهم أن الخروج هو الذي كان سببا في قتل من قتلوا، كما قال الكافرون: (لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا)، ففي هذه الجملة يبين سبحانه أن الأرواح كلها بيد الله تعالى يقبضها إن شاء، ويرسلها إن أراد، فهو سبحانه لا يتقيد بخروج للقتال، فالقعود لَا يضمن الحياة، والخروج لَا يكون معه التلف، بل ربما كانت فيه النجاة، وهذا مثل قوله تعالى: (أَيْنَمَا تَكونُوا يُدْرِككّمُ الْمَوْت وَلَوْ كنتُمْ فِي بروجٍ مُّشَيَّدَة. . .)، وإنه إذا كانت الحياة والموت بيد الله وحده قد جعل لكل أجل كتابا ومن جاء أجله لَا يستأخر ساعة ولا يستقدم، وأن الله سبحانه وتعالى خالق الأسباب ومسبباتها، وهو الذي يربط بينهما برباط السببية لحكمة يراها، والأسباب لَا تلزمه سبحانه، لَا يسأل عما يفعل، وهم يسألون، والله سبحانه في أفعاله كلها بالإحياء والإماتة يتصرف تصرف العليم الخبير، ولذا قال سبحانه: (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) أي أن الله تعالى عليم عِلْم من يرى ويبصر بأعمالكم التي تعملونها، يعلم البواعث والنتائج ويعلم الحقائق والوقائع، فلا تذهب أنفسكم حسرات على الماضي، واستعدوا، وقد بين سبحانه أن الله غافر ما كان منكم من خطأ في ماضيكم، ومجازيكم بخير مما ينال هؤلاء، ولذا قال تعالى:

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>