للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخطاب الأول للتبشير بالنسبة للمجاهدين كما أشرنا والخطاب هنا يعم المجاهدين وغيرهم، ولذا قدم فيه (متم) على (قتلتم)، وبين أن الجميع سيلقون ربهم، وأنهم سيحشرون إليه، أي سيجمعون جميعا يوم الحشر مسوقين إليه سبحانه وتعالى، والتعبير بالحشر إشارة إلى أن الجميع يجتمعون لَا يفلت منهم أحد، فالمنافقون والمشركون والمؤمنون الذين قتلوا والذين نجوا مجموعون عند ربهم، وسيلقاهم، وسيحاسب كل امرئٍ بما كسب، للمجاهدين مقامهم، ولغيرهم مهواهم الذي هووا إليه، ففي هذا إنذار وتبشير وتذكير بلقاء الله العلي الكبير، اللهم هب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الغفور الرحيم.

* * *

(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩) إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٦٠)

* * *

بين سبحانه حال المؤمنين قبيل المعركة في غزوة أحد، وبعدها، وفي أثنائها وما أصابهم من غم، ثم بين سبحانه دواء أسقامهم، ودعاهم إلى استئناف الجهاد، وإن يكونوا قد مسهم قرح، فقد مسَّ القوم قرح مثله، وقد بين سبحانه أسباب الهزيمة ليتوقوها، فإن الغلط الذي يعلِّم الصواب خير، وليس بِشَرّ، ولقد بين بعد ذلك سبحانه حال النبي - صلى الله عليه وسلم - في القيادة الحكيمة، وما اتبعه وما تحلى به، وأمره سبحانه وتعالى بالاستمرار عليها، فبين سبحانه أن القيادة الحكيمة تكون مع العزيمة رحيمة، ومع استقبال الأحداث بقوة تكون خالية من الفظاظة والقسوة، وتلتزم الصفح عن الخطأ ليعتزموا الصواب، والاستغفار من الذنب لتجدد التوبة،

<<  <  ج: ص:  >  >>