للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولها - ما ذكره سبحانه بقوله تعالى: (فَعِظُوهُن) " الفاء " هنا واقعة في خبر الموصول؛ لأنه في معنى الشرط فدخلت الفاء في خبره الطلبي، كما تدخل في جزاء الشرط إذا كان طلبا. والوعظ القول الذي يؤثر في النفس ويوجهها إلى الخير، وقد قال الخليل بن أحمد: " الوعظ هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب " فالوعظ توجيه إلى الخير بذكر نتائج الشر، وهو مراتب أعلاها التوبيخ، وهو أيضا مراتب. ولكل امرأة من النساء ما يليق بمثلها، فذات الإحساس الرقيق إذا كان منها ما لَا يستحسنه، يقال مثلا: أفعلت هذا؛ كأنه ينكر أن يكون حدث منها، أو يقول: ما تصورت أن يكون هذا من مثلك. ثم يذكرها بشرف أسرتها، ثم يذكرها بحق الله تعالى، ثم يوبخها، ومنه اللوم، وهو في كل هذا لَا يقسو ولا يعنف. والثاني - الهجر في المضجع، والمضجع في المجاز هو المسكن كله، والهجر المطلوب هو الهجر الجميل، وهو الهجر من غير جفوة. والهجر مراتب: أدناها أن يكون الهجر في موضع النوم، وهو المضجع الحقيقي، والآخر مجازي بأن يدير لها ظهره ولا ينام، فإن علا نام في منام آخر، فإن علا ترك حجرة النوم إلى حجرة أخرى من غير مجافاة ولا مخاصمة، ولكل حال نوعها من النساء ونوع من أمارات النشوز وعلاماته التي تكشف عن توقعه إن ترك حبلها على غاربها.

الثالث - من دواء النشوز، الضرب، وهو أقصاها، ولا يلجأ إليه إلا عند فشل الدواءين السابقين. وقد ثبت أن الضرب المباح يكون عندما تبلغ الحياة الزوجية درجة يخشى عليها من النشوز والافتراق، وقد قيدته السنة بقيدين. أحدهما: أن يكون غير مبرح، وأن يكون غير مشين بألا يضرب الوجه، فقد صرحت بذلك السُّنة (١)، وسئل ابن عباس عن الضرب غير المبرح، فقال: هو


(١) عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟، قَالَ: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، أَوِ اكْتَسَبْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ [ص:٢٤٥] إِلَّا فِي الْبَيْتِ " رواه أبو داود: النكاح - حق المرأة على زوجها (٢١٤٢)، وابن ماجه: النكاح - حق المرأة على الزوج (١٨٥٠)، وأحمد: أول مسند البصريين (١٩٥٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>