للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا تجعل نعلك يحف بثيابه أو بحيث يؤذيه، وأن تعاونه إن كان محتاجا إلى معاونتك.

(وَابْنِ السَّبِيلِ) هو المنقطع عن أهله ولا مال له، فكأن الطريق تبناه، والإحسان إليه بإيوائه وإطعامه وتسهيل الحياة له حتى يعود إلى أهله. وقد أوجب الإسلام إعداد مأوى لهؤلاء من بيت مال الزكاة، وإمدادهم بالطعام والكساء حتى يثوبوا إلى أهلهم.

(وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) هم العبيد والإماء الذين ملكت رقابهم في الحروب العادلة، فهم في سيطرة المالك لهم، وكأن رقابهم في يمينه يسيرها كما شاء. والإحسان إليهم يكون من مالكهم بالإطعام والكساء والمأوى، وعدم إيذائهم بأي نوع من أنواع الأذى، فلا يضربون، ولا يلطمون، وقد قال عليه الصلاة والسلام: " من كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبهم، فإنْ كلفتموهم فأعينوهم عليه " (١).

وفى سبيل الإحسان بهم نهى النبي عن أن يقول المالك عبدي وأمتي، فقال: " لا يقل أحدكم عبدي وأمتي، بل ليقل فتاي وفتاتي " (٢)، ونهى عن ضربهم: " من لطم عبده فكفارته عتقه " (٣)، وقال بعض الحنابلة: إنه بمجرد اللطم يكون عتيقا.


(١) عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ ". [رواه البخاري: الإيمان - المعاص من أمر الجاهلية (٣٠)، ومسلم بنحوه: الأيمان (١٦٦١)].
(٢) سبق تخريجه.
(٣) رواه مسلم في صحيحه: الأيمان - صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده (١٦٥٧) وتمامه: عَنْ زَاذَانَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، دَعَا بِغُلَامٍ لَهُ فَرَأَى بِظَهْرِهِ أَثَرًا، فَقَالَ لَهُ: أَوْجَعْتُكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَأَنْتَ عَتِيقٌ، قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ، فَقَالَ: مَا لِي فِيهِ مِنَ الْأَجْرِ مَا يَزِنُ هَذَا، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ ضَرَبَ غُلَامًا لَهُ حَدًّا لَمْ يَأْتِهِ، أَوْ لَطَمَهُ، فَإِنَّ كَفَّارَتَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ " وَفِى حَدِيثِ وَكِيع: " مَن لَطَمَ عَبْدَهُ. . " وَلَمْ يَذكُرْ الْحَدَّ " كما رواه أبو داود: الأدب (٥١٦٨)، وأحمد: مسند المكثرين (٤٧٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>