للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن جهة أخرى فإن نيلهم أقل قدر من علم الكتاب يتنافى مع إيمانهم بأتفه الأوهام، وإيمانهم بالظلم والطغيان، واعتبارهما سبيلا للعيش في الحياة، فهم ظالمون يرضون بالظلم يقع عليهم، ويتنافى علم الكتاب مع ممالأتهم لعبدة الأوثان على أهل التوحيد، فيقولون في المشركين هؤلاء أهدى طريقا من المؤمنين، وهذا قول الله تعالى:

(وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا) والذين كفروا هنا هم المشركون، أي أنهم يقولون لأجل إرضاء الذين كفروا وأشركوا وعبدوا الأوثان: هؤلاء في شركهم وعبادتهم غير الله تعالى أرشد طريقا، وسبيلهم هو سبيل الهداية، أما سبيل الذين آمنوا بالله وحده، ولم يشركوا به غيره، وأذعنوا لأحكام الله تعالى في أوامره ونواهيه، فليس هو سبيل الرشاد.

ويروى أن اليهود عندما بلغ بهم حسدهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - أقصى مداه، ذهب فريق منهم إلى أهل مكة يحالفونهم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهم المشركون: أنتم أهل كتاب، وأنتم أقرب إلى محمد منكم إلينا، فلا نأمن مكركم، فاسجدوا لآلهتنا حتى نطمئن إليكم، ففعلوا. وقال أبو سفيان: أنحن أهدى سبيلا أم محمد؟ فقال التحدث باسم اليهود: ماذا يقول محمد؟ قالوا: يأمر بعبادة الله وحده وينهى عن الشرك، وقال: ما دينكم؟ قالوا: نحن ولاة البيت ونسقي الحجيج، ونقري الضيف ونفك المعاني، قال: أنتم أهدى سبيلا.

هذا شأن أولئك اليهود العجب، وهم قد أوتوا بعض علم الكتاب، يدفعهم الهوى والتعصب وفساد النفس إلى أن يجعلوا عبدة الأوثان أهدى من عبدة الديان!.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>