للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بها: أولاها - نعمة الهداية والتوفيق، وتلك هي الأساس. والثانية - نعمة إدراك معاني الربوبية والعبودية، فهم يحسون بعظمة الخالق المنشئ، كما يحسون بعظمة المعبود، ويذوقون طعم الخضوع لله الواحد الأحد الذي ليس بوالد ولا ولد.

والثالثة - نعمة العمل الصالح. وتلك النعم هي معاني الإنسانية العالية التي تسمو عن كل مظاهر الحيوانية، وما بقي منها فإنه تقوى به هذه المعاني العالية، وتلك النعم السامية.

ومن هم أولئك الرفقاء الأطهار؛ إنهم مراتب ودرجات، وهم أربعة: أولهم: النبيون، وهم الذين أنبأهم الله، واختارهم ليخبروا عنه سبحانه، ويبلغوا الناس شرعه ويفسروه، وإن من يبالغ في محبتهم وطاعتهم يكون معهم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " المرء مع من أحب " (١).

وقد روى ابن جرير الطبري عن سعيد بن جبير أنه قال: " جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محزون فقال: يا رسول الله، شيء فكرت فيه! فقال الرسول: " ما هو قال: نحن نغدو إليك ننظر إلى وجهك ونجالسك، وغدا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك! فنزل قوله تعالى: (وَمن يُطِع اللَّهَ وَالرَّسولَ فَأوْلَئكَ مَعَ الَّذينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم. . .) الآية. وروي عن عائشة - رضي الله عنها - أَنها قالت: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: " إنك لأحب إليَّ من نفسي، وأحب إليَّ من أهلي، وأحب إليَّ من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك، فما أصبر حتى آتي، فانظر إليك، وإذا ذكرت موتي عرفت أنك إن دخلت الجنة رفعت مع النبيين فخشيت ألا أراك. فنزلت الآية الكريمة " (٢).

والذي يعنينا في هذا أن من يحب الله ورسوله يكون مع حبيب الله محمد - صلى الله عليه وسلم - وغيره من الأنبياء الأطهار.


(١) متفق عليه؛ رواه البخاري: الأدب - علامة حب الله عز وجل (٦١٦٨)، ومسلم: البر والصلة - المرء مع من أحب (٢٦٤١). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٢) رواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عمران العابدي وهو ثقة. عن عائشة رضي الله عنها. مجمع الزوائد (٧٣٩٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>