للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التمرد على مقتضاه، فهؤلاء يعاملون كالدولة التي ينتمون إليها، والأقوام الذين يصلون أمورهم بهم، ولا يصح أن يقتلوا أو يؤسروا؛ لأن قتلهم أو أسوهم نقف للعهد الذي وثق وأكد، والله تعالى يقول: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهدَ كَانَ مَسْئُولًا)، ويقول: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٩١).

وإن قوله تعالى: (يَصِلُونَ إلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ)، يدخل في مضمونه طائفتان:

أولاهما - طائفة تكون رعية لدولة بينكم وبينهم عهد وميثاق، فإنه لا يشترط لنجاتهم أن يخرجوا إليكم مهاجرين، فإنهم آمنون بمقتضى العهد والميثاق، فإن أعلنوا الإسلام، لَا يستراب في أمرهم.

والثانية - من يتصلون بعهد أو ميثاق أو ولاء ممن كان بينكم وبينهم عهد، فإن لهم حكم من يكونون رعية لمعاهديكم. وإن هذا الصنف يصح أن ينطبق على من لَا يظهرون الإسلام ولكن يعلنون السلام.

وهناك صنف لَا ينتمي لقوم ذوي عهد، ولكنه لَا يقاتل قومه لعذر عنده، ويخرج إلى المؤمنين مخلصا لله الدين أو ملقيا بالسلام، وهم الذين قال الله سبحانه وتعالى فيهم:

(أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُذورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكئم أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ) هذا فريق آخر ممن يعلنون الإسلام في وسط أقوامهم أو لايعلنونه ولا يقاتلون مع المؤمنين، وهؤلاء ينتمون إلى قوم يقاتلون المؤمنين، وهم في حال حرب، فهؤلاء يعلنون إسلامهم ويجيئون إلى المسلمين معلنين الإسلام، ولكنهم يكونون في ضيق وحرج، فلا يستطيعون قتال أقوامهم، خشية على ذرياتهم أو ذوي أرحامهم أو أموالهم، ويريدون أن يتذرّعوا بالامتناع عن قتال قومهم، فإنه يقبل منهم الاعتزال. ومعنى (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) ضاقت. وقد قال الراغب: (الحصر التضييق. قال الله عز وجل: (فخذوهُم واحصروهُم) أي ضيقوا عليهم، وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>