للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومهما يكن فقد ثبت النص القرآني في القصر في حال خوف الانقضاض من العدو، وبالسنة القصر في عموم أحوال السفر. ولما كان ذلك هو موضع النص، يل النص الكريم بما يدل على وجوب الحذر دائما من الأعداء الكافرين، فقال:

(إِنْ خِفْتمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَروا) هذا النص لتأكيد الحذر من الكفار دائما؛ لأن عداوتهم مستمكنة في قلوبهم، وقد أكد سبحانه وتعالى هذه العداوة بمؤكدات أربعة: أولها - " إنَّ " الدالة على التوكيد، مع وصف الذين كفروا بالكفر، وجعله شأنا لهم، ومن كان جمود الحقائق شأنه لَا يؤمن على شيء. وثانيها - التعبير بـ " كان " الدالة على الدوام والاستمرار. وثالثها - وصف الكافرين بالعداوة؛ لأن العدو يطلب لعدوه دائما الشر، ويترقب مواضع غفلته لينقض عليه، فلا تنتظر منه رحمة أو حلم، أو نسيان للحقد. ورابعها - وصف العداوة بأنها ظاهرة بينة لا خفاء فيها، فالمغرور من يأمن عواقبه.

وقد تكلم العلماء في السفر المسوغ لقصر الصلاة: ما مقداره؟ وما حكم القصر؟ أهو واجب أم سنة؟ ونوع السفر الذي يجوز فيه القصر؟.

أما بالنسبة لمسافة السفر التي يجوز فيها القصر، فالفقهاء اختلفوا فيها على أقوال ثلاثة:

أولها - قول أهل الظاهر أن القصر يكون في كل ما يسمى سفرا، سواء أكان قصيرا أم كان طويلا، لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدار محدود يمنع القصر فيما عداه، فبقيت كلمة السفر على إطلاقها، من غير تقييد بمدة معلومة ولا مسافة محدودة.

وثانيها - قول الحنفية، أن السفر الذي يُسوِّغ القصر مسيرة ثلاثة أيام بلياليها، بالسير المعتاد، وهو سير الإبل، مع أخذ الراحة الواجبة في السفر، فلا يسير المدة كلها، بل يسير في الزمن الذي يعتاد فيه السفر؛ وذلك لأن عرف العرب أن الرجل كان لَا يعتبر مسافرا إلا إذا تجاوز موطنه بسير نحو ثلاثة أيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>