للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبالنسبة لهذه الوصية القرآنية الإلهية نقول: إن العرب كان من عاداتهم ألا يرث إلا من يستطيع حمل السلاح ويغزو ويغنم ويستنصر به، ولذلك ما كانوا يورثون النساء، ولا الصغار الضعاف؛ لأنهم لَا يقومون بذلك: والله سبحانه وتعالى وزع الميراث توزيعا عادلا لم يفرق بين قوي وضعيف بل كانت رعايته للضعيف أشد، ولذلك أعطى الذرية أكثر مما أعطى الأبوين؛ لأن الذرية الضعاف أحوج إلى المال، وهو لهم ألزم، ولذلك قال تعالى في وصيته: (وَالْمًسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ) أي الذيهن هم في حال يستضعفهم غيرهم ولا يعطيهم حقوقهم، وهم ضعفاء في ذات أنفسهم، أي أنه لَا بد أن يعطوا ميراثهم كاملا غير منقوص، وعبر عن هؤلاء بقوله سبحانه: (مِنَ الْوِلْدَانِ) ولم يعبر عنهم بيتامى، مع أنهم يتامى، للإشارة إلى ما يربطهم بالمتوفى، وهو كونهم أولاده، وهذا قدر يشتركون فيه مع الكبار، فالسبب في الميراث هو الولاء، وهم جميعا يشتركون فيه، وإذا اشتركوا في السبب وجب أن يشتركوا في المسبب وهو الميراث، ولا فرق في ذلك بين كبير وصغير.

والوصية الأخرى، وهي القيام على شئون اليتيم برعايته وكفالته، وإصلاح حاله، وتعهده بالعطف والمحبة والإكرام، وقد تكرر في القرآن الكريم الأمر برعاية اليتيم، وتكرر في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمر برعايته والتوصية به، ففي القرآن الكريم نجد كثيرا من ذلك مثل قوله تعالى: (فَأمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ).

وفى السنة مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. . . " وضم أصبعيه (١) الكريمتين - عليه الصلاة والسلام - وقوله - عليه الصلاة والسلام -: " خير بيت من بيوت المسلمين بيت يكرم فيه يتيم، وشر بيت من بيوت المسلمين بيت يقهر فيه يتيم " (٢).


(١) رواه البخاري: الأدب - فضل من يعول يتيما (٦٠٠٥)، والترمذي كتاب البر والصلة - ما جاء في رحمة اليتيم وكفالته (١٩١٨)، وأبو داود: الأدب - فيمن ضم اليتيم (٥١٥٠)، وأحمد: باقي مسند الأنصار (٢٢٣١٣) عن سهل بن سعد رضي الله عنه.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>