للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى يعطيه ما يطلب إن اتجه إلى طلبها عن طريق الحق والدين، فإن الله تعالى ذا السلطان الكامل في الدنيا والآخرة هو وحده عنده نعيمهما معا، فمن أراد الدنيا عن طريق الخير والحق، فإنه سينال ذلك بتوفيق الله تعالى وتمكينه.

وهذا الكلام يطوي في ثناياه معاني ثلاثة:

أولها - أن الاستجابة لما يطلبه الله سبحانه وتعالى تؤدي إلى خير الدنيا من عزة ورفعة وقوة وسلطان في الأرض، وتعاون على إصلاحها ومنع فسادها، وتواصل وتراحم، من غير تقاطع ولا تدابر.

ثانيها - أن من يطلب الدنيا من غير طلب الآخرة ولا يستجيب لداعي الله، يكون قد طلب الأخس وترك الأخطر منهما، ولا يكون طالبا لها على وجه الحق، ويكون محاسبا على كل ما نال من مغانم في هذه، ولذا قال تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا). ثالثها - أن النص الكريم يفيد قدرة الله، وكمال سلطانه، وعدله في الثواب والعقاب، وأنه يعلم الخير ويجزي عليه والشر ويعاقب صاحبه (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨). ولذاً ختم سبحانه الآية بقوله:

(وَكانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) أي أن الله سبحانه وتعالى عالم علما دائما أزليا علم من يسمع ما يجهر به ويسر، ومن يطلع على حركات النفوس، وخلجات القلوب، وما يجيش في الصدور، وعالم علم من يبصر أدق الأعمال وأخفاها من خير أو شر، وإنه مجازي كل إنسان على مقتضى هذا العلم الذي لَا تخفى عليه خافية.

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>