للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)

(وَمَا قَتَلُوهُ) فما ذهبت روحه - عليه السلام - بقتل أنزلوه (وَمَا صَلَبُوهُ).

وما كان صُلب لأنه لم يكن قُتِل، ولكن شبه الأمر عليهم، فظنوا المقتول المصلوب هو المسيح، وما كان هو، بل كان المصلوب المقتول غيره، فخيل إليهم أنه قتل وصلب، وما كان كذلك. وقد يسأل سائل: لماذا ذكر نفي الصلب بعد نفي القتل مع أن نفي القتل يقتضي ألا يكون صُلِب؛ لأن الصلب لَا يكون إلا لمقتول؟ والجواب عن ذلك أن هذا تأكيد في النفي، ولأن النصارى واليهود يدعون أنه صُلِب، فلابد من النص على نفي الصلب، ليكون ردا على هذه الدعوى، ولو اقتصر على نفي القتل ما كان التصريح برد الدعوى، ورد الدعاوى لَا يكتفى فيه ما تضمن عن التصريح، ولو نفي الصلب فقط ما اقتضى نفي القتل، فكان النسق البليغ مقتضيا نفيهما معا.

وقد نسب القتل المنفي إليهم مع أن التاريخ والأناجيل تثبت أن القتل المنفي والصلب كان من حاكم الرومان، ولكن بتحريض اليهود؛ وذلك لأنهم هم الذين ألحوا في طلب القتل حتى إن الروماني يلقى عليهم تبعة قتله، والمحرِّض قاتل، والشاهد الكاذب قاتل، وكل متسبب يعد قاتلا، وهؤلاء قاموا بكل ذلك، فقد دبروا شهادات الزور، وحرَّضوا وتسببوا فكانوا بهذا قاتلين كفعل الجبناء، ولكن الله تعالى أنقذه منهم ومن الرومان معا.

والتشبيه لهم بأن خلق الله تعالى شبهه على أحد الذين خانوه، ودبروا القتل، وقد جاء ذلك في إنجيل برنابا الذي عثر عليه في خزانة أحد البابوات في آخر القرن الخامس عشر، فقد جاء في هذا الإنجيل الذي لَا يوجد ما يدل على أنه ليس في قوة أناجيلهم: (إن يهوذا الأسخريوطي الذي كان عينا على السيد المسيح عليه السلام قد ألقى الله تعالى عليه، شكل السيد المسيح فقبض عليه على أنه هو، فقد قال برنابا في هذا: (الحق أقول إن صوت يهوذا ووجهه وشخصه بلغت من الشبه بيسوع أن اعتقد تلاميذه والمؤمنون به كافة أنه يسوع، كذلك خرج بعضهم من تعاليم يسوع معتقدين أن يسوع كان نبيا كاذبا، وإنما الآيات التي فعلها

<<  <  ج: ص:  >  >>