للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابتدأت سورة النساء ببيان أحكام للأسرة، وختمت كما بدأت ببيان أحكام للأسرة، بدئت ببيان أحكام الزواج، وإباحة تعدد الزوجات في الحدود التي رسمها الله تعالى لعباده ثم فصل القول في المواريث ثم فصل القول فيمن يصح الزواج منهن، ثم كان من بعد ذلك الكلام في علاقات آحاد الأمة، ثم في علاقات الناس بعضهم على بعض، وكأنما كان الانتقال من الأسرة التي هي النواة الأولى للبناء الاجتماعي إلى المجتمع الصغير في حقوق الجوار وما يتصل به، ثم إلى المجتمع الكبير في الأمة وعلاج الآفات الاجتماعية فيه، وعلى رأسها النفاق والمنافقون.

ثم انتقلت إلى علاج العلاقات الإنسانية العامة، وضرورة الحرب إن اعتدت الرذيلة على الفضيلة؛ لأن فضيلة الإسلام إيجابية عاملة لَا سلبية خاملة، وتكلمت عن فساد الأمم والجماعات، وسببه التعصب للباطل، وسيطرة الأوهام والغلو في الأحكام مبينة قصة الذين اجترءوا على الحق وأصله وأهله من اليهود، والذين غلوا غلوا خرج بهم عن كل معقول ومقبول، وهم النصارى الذين غلوا في دينهم، ورفعوا المسيح إلى مرتبة الألوهية، وزعمهم أنه ابن الله.

(يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ). وكان ختام السورة ببعض أحكام الميراث تذكيرا بأمرين:

أولهما - أن الأسرة هي الخلية الأولى التي يتربى فيها النزع الاجتماعي بكل ضروبه، وكل شعبه وأنه لَا يوجد مجتمع صالح إلا بأسر صالحة، وفساد الأسرة فيه فساد المجتمع.

ثانيهما - أن أحكام الأسرة مستمدة من الله تعالى من غير توسط أحد كبيرا كان أو صغيرا، وأن مخالفة أحكام الله تعالى ضلال ليس بعده ضلال، ولذا أختمت السورة بأن بيان الله تعالى لمنع الضلال، كما سنتلو من الآية الكريمة إن شاء الله تعالى.

(يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) رويت روايات كثيرة في الاستفتاء الذي وقع من الصحابة، رضي الله عنهم، ويظهر أن السؤال في ميراث الإخوة

<<  <  ج: ص:  >  >>