للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يقدر أحد أن يأتي بهذا إلا في أجلاد (١) اللهم انفعنا بكتابك، واهدنا بهديه، واملأ قلبنا بنوره وعلمه إنك أنت العليم الحكيم.

ومن قرأ سورة الأنعام المكية ووقف على ما كان عليه أهل الجاهلية من تحريم وتحليل بناء على الأهواء والشهوات والتقاليد الوثنية، يفهم الحكمة البالغة فيما ختمت به هذه الآية من قوله سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) أي لَا يحكم الحكم الذي تقتضيه الأهواء، وإنما يحكم الحكم الذي تقتضيه الحكمة والعدالة والمصلحة في الدين والدنيا، وهذا يوجب على المؤمن أن يتقبل أحكام الله بالإذعان والتسليم؛ لأن مصدرها إرادة الحكَم العدل اللَّطيف الخبير.

* * *

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢)

* * *

في الآية السابقة أشار سبحانه وتعالى إلى ما أحل من طيبات، وأشار إلى مكان البيت الحرام وحرمته، وأنه لَا يحل صيده والإحرام قائم، وأن الله تعالى يحكم بما يريد، وهذا حكمه وأمره، وما على المؤمن إلا الطاعة فيما أمر به، وفي هذه الآية يبين سبحانه وتعالى ما يجب، وقد بَيَّن الحرمات التي تجب صيانتها ومن تتعلق بهم، وقد ذكر أمورا لَا يصح إحلالها، وهي شعائر الله تعالى، والشهر


(١) أجلاد أي مجلدات.

<<  <  ج: ص:  >  >>