للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١٢)

* * *

في الآيات السابقة بَيَّنَ سبحانه طيبات ما أحل الله تعالى، وهي تصور متعة الجسد التي تكون حلالا، سواء أكانت طعاما يؤكل أم كانت تتعلق بما يكون بين الرجل والمرأة، ثم بَيَّنَ طهارة الأجساد والقلوب، بالصلاة وما يتقدمها من وضوء وتيمم، وذلك لتكون متعة الجسد في دائرة الطهارة والسمو، فيتهذب الفرد وينمو، ويقوى، وبذلك يكون قوة في بناء المجتمع الإنساني الذي يبتدئ بمجتمع الأمة أو القوم من غير تعصب ظالم، ولا انحراف لغير غاية فاضلة، وبين سبحانه وتعالى أن العدالة هي نظام العلاقات الإنسانية، وهي التي تنسقها، وكل تنسيق لَا يبنى عليها هو مِعْول هدام، ينقض القائم، ويفسد الصالح، والعدالة الحقيقية لَا تفرف بين عدو مشنوء مبغض، وولي محبوب مقرب، وذكر المؤمنين من بعد ذلك بأوقات ضعفهم، حتى لَا يشتطوا في أوقات قوتهم، ومن بعد ذلك وثق الله سبحانه وتعالى هذه المبادئ الإنسانية العالية التي هي شريعة النبيين أجمعين، وإن يخالفوها ينقض بنيانهم، وتذهب وحدتهم أوزاعا؛ ولهذا ذكر أخذ الميثاق بها على بني إسرئيل وكيف نقضوه، فقال تعالى:

(وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا) الميثاق: أصله من وثق، وهي تدل على معانٍ فيها الاطمئنان، فيقال: وثقت به، أي اطمأننت إليه، ومنها الشد، وربط شيئين، ومنه قوله تعالى: (. . . فَشدّوا الْوَثَاقَ. . .)، ومنها ربط الكلامين ربطا موثقا، ومنه هذه الكلمة السامية ميثاق

<<  <  ج: ص:  >  >>