للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خالفوا ما جاءهم به الرسول يكون اللوم لهم أشد، إذ يكون عصيانهم عن بينة ومعرفة.

الرابع - في قوله: (يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) فالفعل " يبين " قدَّر له بعض العلماء مفعولا وتقديره: يبين لكم الأحكام، والتكليفات، والأوامر الخالدة، وبعض العلماء لَا يقدر له مفعولا، على أساس أنه منزل منزلة اللازم، وعلى هذا يكون المعنى: جاء رسولنا بالبيان الكافي المشرق الكاشف للظلمة التي وقعتم فيها، وبذلك يشمل كل التكليفات، وكل ما تشتمل عليه رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وذلك البيان كان بالقرآن الذي لَا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، وقد روي عن قتادة أنه قال في هذا المعنى: " (قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ) وهو محمد - صلى الله عليه وسلم -، جاء بالفرقان الذي فردا الله به بين الحق والباطل، فيه بيان الله تعالى، ونوره وهداه، وعصمة لمن أخذ به ".

الخامس - في قوله تعالى: (عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ) يقول الزمخشري: إن الجار والمجرور متعلق بقوله تعالى: (جَاءَكُمْ) أي جاءكم على فترة من الرسل، وعندي أن المتعلق يكون بأقرب فعل، وهو " يبين "، والمعنى يبين لكم على فترة من الرسل، أي بعد فترة لم يكن فيها بيان، وقد جاء الرسول الكريم بهذا البيان، ويزكي هذا قوله تعالى: (أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ)

ويفسر كثيرون من المفسرين أن قوله تعالى: (عَلَى فَتْرَةٍ) معناه حين فترة، وعندي أن تفسيرها بظرف آخر، وهو " عند "، يكون أدق، لأن الرسالة كانت نهاية الفترة، فهي كانت عندهم في نهايتها، ولم تكن في حينها ووقتها، والتعبير بقوله تعالى: (عَلَى فَتْرَةٍ) فيه معنى فوقية الرسالة على الفترة، وعلوها عليها كعلو البيان على الجهل، والنور على الظلمة، وفيه لوم، لأنه يشير إلى أنه لَا يسوغ لهم أن يجحدوا رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، لأنهم ينزلون من الأعلى إلى الأدنى.

(أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِير) المقصود الواضح من هذا النص هو بيان أن حكمة مجيء الرسول هو قطع العذر على من يحتج بالجهل، وعدم معرفة

<<  <  ج: ص:  >  >>