للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا)، وكان التعدد لمعنى آخر؛ لأن التبشير عمل غير الإنذار، وكلاهما وظيفة النبوة، فكان العطف بالواو لهذا المعنى، فليسا وصفين ذاتيين ولكنهما وظيفتان متغايرتان للرسالة.

وإن هذا الخطاب لأهل الكتاب وبخاصة اليهود مع ما فيه من بيان الحقائق، وضع الاعتذار فيه تهديد، وفيه إشارة لسلطان الله تعالى، ولهذا ختم الآية الكريمة بهذا النص الكريم: (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

كان هذا ختام الآية الكريمة، وفيه إشارة إلى أمور ثلاثة: أولها - أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يختار الرسل، ويختار معجزاتهم، وعلى ذلك لَا يصح لأحد أن يدعي أنه رسول، ولا يأتي أحد من بعده إلا إذا أخبر هو عن إرادته العالية، كما هو الشأن بالنسبة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - أما موسى عليه السلام، فلم تكن رسالته خاتمة الرسائل، ولو كان حيا ما وسعه إلا اتباع محمد.

ثانيها - أن تغير المعجزات في دائرة قدرة الله تعالى، فهو خالقها، وهو الذي يختارها بحكمته بما يناسب كل رسول، وليس لمن كانت الرسالة موجهة إليهم أن يختاروا على الله تعالى، فهو المريد المختار، الذي لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ.

ثالثها - أن الله تعالى هو وحده القادر على تنفيذ ما أمر به رسوله من تبشير وإنذار، فهو المعطي، وهو المعاقب، وهو المانح وهو المانع، وسيكون العقاب الشديد نازلا بهم إن عصوا، وليس بأمانيهم ولا أماني أهل الكتاب.

اللهم اغفر لنا ونجنا من عقابك، ولا تحرمنا من رحمتك وعفوك إنك أنت العفو الغفور.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>