للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأنه اعتدى على حق الحياة، فكان الجزاء أن تؤخذ حياته، ولأن من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا، وقد قال سبحانه: (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا. . .).

وإن القصاص شرع للزجر العام، ولحفظ الدماء، ولو أعفى الشركاء في القتل من القصاص لكان من السهل على من يريد قتل إنسان أن يشرك معه غيره، فلا يكون قصاص من أحدهما، ولذلك شدد عمر وغيره من الصحابه في ضرورة قتل الجماعة بالواحد، وقد روي أن رجلا قتله جماعة بصنعاء، فاقتص عمر - رضي الله عنه - منهم، وقال - رضي الله عنه - " لو تمالأ أهل صنعاء عليه لقتلتهم. ثانيها - أن المساواة في الأطراف من حيث السلامة لازمة للقصاص، فلا تقطع السليمة في مقابل المعيبة، ولكن لَا يشترط التساوي من حيث القصر والطول، ولا من حيث الضعف والقوة، ما دام كلتا الجارحتين سليمة.

وحيث يتعذر التساوي لَا يكون القصاص بل تكون الدية، ويجب مع ذلك التعزير شفاء لغيظ المجني عليه.

ثالثها - أن بعض الذين لَا يدركون الأمور على وجهها يقولون: إن القصاص في الأطراف يكثر المشوهين، ويقلل المنافع، ويضعف إنتاج الأمة، والجواب عن ذلك أن القصاص في الأطراف من شأنه أن يقلل التشويه ويكثر النفع، لأنه إذا علم المعتدي أنه سيقطع طرفه إن قطع طرف غيره، وأنه ستفقأ عينه إذا فقأ عين غيره، فإنه سيكف عن الاعتداء، وبذلك تصان الجوارح جميعا، فلا - يكون إيذاء، وبذلك يقلل عدد المشوهين ولا يكثر، ويكثر النفع ولا يقل. (وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ) والجروح غير قطع الأطراف المتميزة التي يجري فيها التماثل، مثل الشجاج بكل مراتبها، ومثل الجروح في أجزاء الجسم، وفصل بعضها عن بعض، والقصاص المقاصة، أي العقوبة بما يساوي الجريمة وما أنزلت

<<  <  ج: ص:  >  >>