للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروي أن اليهود كانوا إذا قامت الصلاة صلوا مع المسلمين استهزاء ونفاقا، ومنهم من كان يقول للرسول عندما يرى الركوع والسجود: يا محمد لقد ابتدعت شيئا لم يسمع فيما مضى، فإن كنت نبيا فلم خالفت فيما أحدثت جميع الأنبياء، وكانوا مع ذلك يتضاحكون ويتخذون من شكل الصلاة الإسلامية موضوعا لسخرياتهم وعبثهم، ولقد علل الله تعالى ذلك بقوله سبحانه:

(ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ) الإشارة هنا إلى ما كان منهم من استهزاء وسخرية واتخاذ الأعمال الإسلامية لعبة يتلاعبون بها، والمعنى: أن هذا الذي كان منهم سببه أن أحلامهم قد سفهت، وصاروا لَا يدركون الأمور على وجهها فلا يفكرون في الأمور تفكير العقلاء الذين يتدبرون بعقولهم، وقد قام لديهم البرهان العقلي القاطع، والدليل الساطع على أن ما جاء به محمد لَا يقبل الإنكار لمن يفكر بعقله، ويتدبر في مبادئ الأمور وعواقبها.

ولماذا كان اليهود وبعض النصارى على هذه الشاكلة يتصرفون تصرف من لا عقل عنده، إذ يطمسون الحقائق، ويسخرون مما لَا سخرية فيه؟ الجواب عن ذلك أنه قد طمس على قلوبهم، والحقد قد ران على مداركهم، فأصبحوا لَا يدركون ما يوجبه العقل السليم، والفكر المستقيم، ولا شيء يذهب بلب اللبيب وإدراك العقل السليم أكثر من الحقد، ذلك بأن تمني الشر، وحسد غيره على ما في يده من نعمة، وما آتاه الله تعالى من خير يلقي حجابا على عقله فلا يدرك، وعلى قلبه فلا يؤمن ولذا قال سبحانه من بعده:

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>